[فَصْلٌ فِي أَقْوَالِ الْأَطِبَّاءِ فِي الْحَمَّامِ]
قَالَ الْأَطِبَّاءُ الْحَمَّامُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ أَهْوِيَتِهِ وَمَبَانِيهِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ مِنْ الدُّهْنِ والنمريخ. وَسَبَقَ فِي فُصُولِ الطِّبِّ الْكَلَامُ فِي الدُّهْنِ، وَالْمَاءِ وَأَمَّا الدَّلْكُ فِي الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يَفْتَحُ الْمَسَامَّ وَيُحَلِّلُ الْبُخَارَ وَيُذَوِّبُ الْخَلْطَ فَإِنْ أَفْرَطَ أَحْدَثَ الْبُثُورَ.
قَالَهُ ابْنُ جَزْلَةَ وَقَالَ ابْنُ جُمَيْعٍ الصَّيْدَاوِيُّ يُصَلِّبُ الْأَعْضَاءَ وَيُحَلِّلُ الرُّطُوبَةَ، وَالْمُعْتَدِلُ يَجْلِبُ الدَّمَ ظَاهِرَ الْجَسَدِ قَالَ والنمريخ بِالدُّهْنِ يَسُدُّ الْمَسَامَّ قَالَ ابْنُ جَزْلَةَ فَإِنَّ بَعْدَ الِاسْتِحْمَامِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ حِفْظُ الْحَرَارَةِ، وَالرُّطُوبَةِ، وَأَجْوَدُ الْحَمَّامَاتِ مَا كَانَ شَاهِقًا عَذْبَ الْمَاءِ مُعْتَدِلَ الْحَرَارَةِ مُعْتَدِلَ الْبُيُوتِ. وَالْحَمَّامُ قَدْ جَمَعَ الْكَيْفِيَّاتِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ يُوَسِّعُ الْمَسَامَّ وَيَسْتَفْرِغُ الْفَضَلَاتِ وَيُحَلِّلُ الرِّيَاحَ وَيَحْبِسُ الطَّبْعَ إذَا كَانَتْ سُهُولَتُهُ عَنْ هَيْضَةٍ وَيُنَظِّفُ الْوَسَخَ، وَالْعُرُوقَ وَيُذْهِبُ الْحَكَّةَ، وَالْجَرَبَ، وَيُذْهِبُ الْإِعْيَاءَ وَيُرَطِّبُ الْبَدَنَ وَيُجَوِّدُ الْهَضْمَ وَيُنْضِجُ النَّزَلَاتِ، وَالزُّكَامَ، وَيَنْفَعُ مِنْ حُمَّى يَوْمٍ، وَالدَّقِّ، وَالرَّبْعِ، وَيُسَمِّنُ الْمَهْزُولَ وَيُهَزِّلُ السَّمِينَ، وَيَنْفَعُ جَمِيعَ الْأَمْزِجَةِ. وَفِيهِ مَضَارُّ، يُسَهِّلُ انْصِبَابَ الْفَضَلَاتِ إلَى الْأَعْضَاءِ الضَّعِيفَةِ وَيُرْخِي الْجَسَدَ وَيُضَعِّفُ الْحَرَارَةَ عِنْدَ طُولِ الْمُقَامِ فِيهِ، وَيُسْقِطُ شَهْوَةَ الطَّعَامِ وَيُضْعِفُ الْبَاهَ، وَالْعَصَبَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَشِطَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقَوِّي الْبَصَرَ، وَمَنْ قَصَدَ تَسْمِينَ بَدَنِهِ دَخَلَ عَلَى الِامْتِلَاءِ وَلَا يُطِيلُ اللُّبْثَ وَبِالضِّدِّ، وَمَنْ قَصَدَ حِفْظَ الصِّحَّةِ دَخَلَ عِنْدَ آخِرِ الْهَضْمِ بِحَيْثُ إذَا خَرَجَ يَأْكُلُ، وَيَجْتَنِبُ الْجِمَاعَ فِي الْحَمَّامِ وَأَنْ يَسْتَعْمِلَ بَعْدَهُ الْأَشْيَاءَ الْبَارِدَةَ بِالْفِعْلِ، وَالْحَارَّةَ بِالْفِعْلِ فَفِي ذَلِكَ خَطَرٌ، وَالْمُقَامُ الْكَثِيرُ فِي الْحَمَّامِ يُجَفِّفُ وَرُبَّمَا بَرَّدَ، وَالْقَلِيلُ يُسَخِّنُ وَيُرَطِّبُ.
قَالَ ابْنُ سِينَا: لَا يُطِيلُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الدَّقُّ، وَالِاسْتِسْقَاءُ، أَمَّا الدَّقُّ فَلِاشْتِدَادِ سُخُونَةِ الْقَلْبِ وَأَمَّا الِاسْتِسْقَاءُ فَلِكَثْرَةِ تَحَلُّلِ الْحَارِّ الْغَرِيزِيِّ فَيُبَرَّدُ مِزَاجُ الْأَعْضَاءِ، وَكَذَلِكَ شُرْبُ الْأَشْيَاءِ الْبَارِدَةِ فِيهِ مِثْلُ النُّقَاعِ، وَالْمَاءُ الْبَارِدُ فِيهِ خَطَرٌ عَظِيمٌ جِدًّا لِأَنَّهُ قَدْ يُبَرِّدُ الْكَبِدَ، وَالْقَلْبَ بِهُجُومِهِ عَلَيْهِمَا، وَيُبَرِّدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute