للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي تَنَاهُدِ الرِّفَاقِ وَاشْتِرَاكِهِمْ فِي الطَّعَامِ]

ِ) قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إلَيْك يَعْتَزِلُ الرَّجُلُ فِي الطَّعَامِ أَوْ يُرَافِقُ قَالَ يُرَافِقُ هَذَا أَرْفَقُ يَتَعَاوَنُونَ إذَا كُنْت وَحْدَك لَمْ يُمْكِنْك الطَّبْخُ وَلَا غَيْرُهُ، وَلَا بَأْسَ بِالنَّهْدِ قَدْ تَنَاهَدَ الصَّالِحُونَ.

كَانَ الْحَسَنُ إذَا سَافَرَ أَلْقَى مَعَهُمْ وَيَزِيدُ أَيْضًا بِقَدْرِ مَا يَلْقَى يَعْنِي فِي السِّرِّ، وَمَعْنَى النَّهْدِ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرُّفْقَةِ شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ يَدْفَعُونَهُ إلَى رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ وَيَأْكُلُونَ جَمِيعًا، وَإِنْ أَكَلَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ فَلَا بَأْسَ، وَكَذَلِكَ قَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ أَحْمَدَ السَّابِقِ وَيُفَارَقُ النِّثَارُ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِنَهْبٍ وَتَسَالُبٍ وَتَجَاذُبٍ بِخِلَافِ هَذَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ وُجِدَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فِي التَّنَاهُدِ كُرِهَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ كَالنِّثَارِ وَهَلْ تَجُوزُ الصَّدَقَةُ مِنْهُ قَالَ أَبُو دَاوُد سَمِعْت أَحْمَدَ قِيلَ لَهُ يُتَنَاهَدُ فِي الطَّعَامِ فَيُتَصَدَّقُ مِنْهُ.

قَالَ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ أَوْ قَالَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ لَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَنَظَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى الْعُرْفِ، وَالْعَادَةِ فِي ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا يَتَوَجَّهُ صَدَقَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً وَعُرْفًا، وَالْمُضَارِبِ، وَالضَّيْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>