للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ مَوْعِظَةُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَّقِينَ بِالشِّعْرِ]

قَالَ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: خَرَجْتُ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مُسْبِلٍ مِنْدِيلَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَنَاوَلَنِي رُقْعَةً، فَلَمَّا أَضَاءَ الصُّبْحُ قَرَأْتُهَا فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ

عِشْ مُوسِرًا إنْ شِئْتَ أَوْ مُعْسِرًا ... لَا بُدَّ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْغَمِّ

وَكُلَّمَا زَادَكَ مِنْ نِعْمَةٍ ... زَادَ الَّذِي زَادَكَ فِي الْهَمِّ

إنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَصْرِنَا ... لَا يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ لِلْعِلْمِ

إلَّا مُبَاهَاةً لِأَصْحَابِهِمْ ... وَعُدَّةً لِلْخَصْمِ وَالظُّلْمِ

قَالَ فَظَنَنْتُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ نَاوَلَنِي فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لَهُ الرُّقْعَةُ الَّتِي نَاوَلْتنِي، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُكَ مَا نَاوَلْتُكَ رُقْعَةً، فَعَلِمْتُ أَنَّهَا عِظَةٌ لِي وَقَالَ الْحَافِظُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الْأَخْضَرِ فِيمَنْ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ قَاضِي تِكْرِيتَ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ مِنْ إخْوَانِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إلَيْهِ أَيَّامَ الْمِحْنَةِ:

هَذِي الْخُطُوبُ سَتَنْتَهِي يَا أَحْمَدُ ... فَإِذَا جَزِعْتَ مِنْ الْخُطُوبِ فَمَنْ لَهَا

الصَّبْرُ يَقْطَعُ مَا تَرَى فَاصْبِرْ لَهَا ... فَعَسَى بِهَا أَنْ تَنْجَلِي وَلَعَلَّهَا

فَأَجَابَهُ أَحْمَدُ:

صَبَّرْتَنِي وَوَعَظَتْنِي فَأَنَا لَهَا ... فَسَتَنْجَلِي بَلْ لَا أَقُولُ لَعَلَّهَا

وَيَحُلُّهَا مَنْ كَانَ يَمْلِكُ عَقْدَهَا ... ثِقَةً بِهِ إذْ كَانَ يَمْلِكُ حَلَّهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>