للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي الِانْتِشَارِ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الطَّعَامِ]

ِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: ٥٣] أَيْ فَاخْرُجُوا {وَلا مُسْتَأْنِسِينَ} [الأحزاب: ٥٣] أَيْ طَالِبِينَ الْأُنْسَ لِحَدِيثٍ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ كَانُوا يَجْلِسُونَ بَعْدَ الْأَكْلِ فَيَتَحَدَّثُونَ طَوِيلًا وَكَانَ ذَلِكَ يُؤْذِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَسْتَحْيِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: قُومُوا فَعَلَّمَهُمْ اللَّهُ الْأَدَبَ {وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: ٥٣] .

أَيْ لَا يَتْرُكُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا هُوَ الْحَقُّ فَأَمَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْجُلُوسِ جَازَ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا لِمَيْلِ صَاحِبِ الطَّعَامِ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا.

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الثُّقَلَاءِ وَقَالَ السُّدِّيُّ ذَكَرَ اللَّهُ الثُّقَلَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: ٥٣] .

وَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ لَا يَسْتَثْقِلَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَذًى لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَالْمُؤْمِنُ سَهْلٌ لَيِّنٌ هَيِّنٌ كَمَا سَبَقَ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ سُئِلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الْمُؤْمِنِ يَكُونُ بَغِيضًا قَالَ لَا يَكُونُ بَغِيضًا وَلَكِنْ يَكُونُ ثَقِيلًا.

وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قُلْت لِأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ مَا لَكَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ طَاوُوسَ قَالَ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ بَيْنَ ثَقِيلَيْنِ وَسَمَّاهُمَا كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إذَا اسْتَثْقَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>