[فَصْلٌ فِي تَمَسُّكِ النَّاسِ بِالْخُرَافَاتِ وَتَهَاوُنِهِمْ بِالشَّرْعِيَّاتِ]
ِ) قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ لَوْ تَمَسَّكَ النَّاسُ بِالشَّرْعِيَّاتِ تَمَسُّكَهُمْ بِالْخُرَافَاتِ لَاسْتَقَامَتْ أُمُورُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُقَدِّمُونَ إدْخَالَ مُسَافِرٍ عَلَى مَرِيضٍ، وَلَا يُنَقَّبُ الرَّغِيفَ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ حَرْفِهِ، وَلَا يُكَبُّ الرَّغِيفَ عَلَى وَجْهِهِ، وَلَا يُتَزَوَّجُ فِي صَفَرٍ، وَلَا يَتْرُكُ يَدَيْهِ مُشَبَّكَةً فِي رُكْنَيْ الْبَابِ وَلَا يَخِيطُ قَمِيصَهُ عَلَيْهِ إلَّا وَيَضَعُ فِيهِ لِيطَةً، وَلَعَلَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ لَوْ عُوتِبَ عَلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْجَمَاعَاتِ أَوْ لُبْسِ الْحَرِيرِ لَأَهْوَنُ بِالْعُتْبَةِ.
فَهَذَا قَدْرُ الْإِسْلَامِ عِنْدَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِهِ وَلَعَلَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ: لَا يَحِلُّ طَرْحُ الرَّغِيفِ عَلَى وَجْهِهِ ثِقَةً بِمَا يَسْمَعُ مِنْ النِّسَاءِ الْبُلْهِ وَالسَّفْسَافِ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَمِنْ هَذَا تَرْكُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ يَوْمَ السَّبْتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَمِنْهُ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْأَيَّامِ بِشَيْءٍ كَتَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بِدُخُولِ الْحَمَّامِ وَالِاسْتِرَاحَةِ، وَبَعْضِهِمْ لَهُ بِالدُّعَاءِ وَزِيَارَةِ الْقُبُورِ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْفُنُونِ: كُنْت أَرَى النَّاسَ يُكْثِرُونَ الدُّعَاءَ وَزِيَارَةَ الْقُبُورِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَلَا أَعْلَمُ هَلْ يَرْجِعُونَ إلَى شَيْءٍ فَوَجَدْتُ فِي سَمَاعِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ عَنْ الْغِطْرِيفِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسْجِدِ الْأَحْزَابِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَعَرَفْنَا السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ» قَالَ جَابِرٌ فَمَا نَزَلَ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ عَارِضٌ إلَّا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَدَعَوْتُ فَعَرَفْتُ الْإِجَابَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute