[فَصْلٌ فِي مُبَاسَطَةِ الضِّيفَانِ وَمُعَامَلَةِ كُلِّ طَبَقَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا]
) وَيُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ يُبَاسِطَ الْإِخْوَانَ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ وَالْحِكَايَاتِ الَّتِي تَلِيقُ بِالْحَالِ إذَا كَانُوا مُنْقَبِضِينَ قَالَ الْمَأْمُونُ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ لَا تُمَلُّ أَكْلُ خُبْزِ الْبُرِّ، وَشُرْبُ مَاءِ الْعِنَبِ، وَأَكْلُ لَحْمِ الضَّأْنِ، وَالثَّوْبُ اللَّيِّنُ، وَالرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ، وَالْفِرَاشُ الْوَطِيءُ، وَالنَّظَرُ إلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسَنٍ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ: أَيْنَ مُحَادَثَةُ الْإِخْوَانِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: هُنَّ ثَمَانٍ وَهِيَ أُولَاهُنَّ. وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا بِالْأَدَبِ وَمَعَ الْفُقَرَاءِ بِالْإِيثَارِ وَمَعَ الْإِخْوَانِ بِالِانْبِسَاطِ وَمَعَ الْعُلَمَاءِ بِالتَّعَلُّمِ وَالِاتِّبَاع قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مَعَ الْإِخْوَانِ وَبِالْإِيثَارِ مَعَ الْفُقَرَاءِ وَبِالْمُرُوءَةِ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا.
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَوْمَ عِيدٍ: خُذْ عَلَيْكَ رِدَاءَكَ وَادْخُلْ قَالَ: فَدَخَلْتُ فَإِذَا مَائِدَةٌ وَقَصْعَةٌ عَلَى خِوَانٍ عَلَيْهَا عِرَاقٌ وَقَدْ زَالَ جَانِبُهُ، فَقَالَ لِي: كُلْ فَلَمَّا رَأَى مَا نَزَلَ بِي قَالَ إنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ: وَاَللَّهِ لَتَأْكُلَنَّ.
وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: إنَّمَا وُضِعَ الطَّعَامُ لِيُؤْكَلَ.
وَكَانَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَبِيعُ ثِيَابَهُ وَيُنْفِقُهَا عَلَى أَصْحَابِهِ وَكَانَتْ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيْهِ مَنْ ذَاكَ، وَأَوْمَأَ إلَى جِذْعٍ مَطْرُوحٍ قَالَ: فَانْبَسَطْت فَأَكَلْتُ لَتَأْكُلَنَّ هَذِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُد الْحَرْبِيُّ اشْتَرَى إبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ لِأَصْحَابِهِ شَيْئًا وَقَالَ: يَا فِتْيَانُ كُلُوا فِي رَهْنٍ رَوَاهُ الْخَلَّالُ فِي الْأَخْلَاقِ وَغَدَّى الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيَّ وَأَبَاهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَجَعَلْتُ آكُلُ وَفِي انْقِبَاضٌ لِمَكَانِ أَحْمَدَ قَالَ: فَقَالَ لِي لَا تَحْتَشِمْ قَالَ: فَجَعَلْتُ آكُلُ قَالَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِي فِي الثَّالِثَةِ يَا بُنَيَّ كُلْ فَإِنَّ الطَّعَامَ أَهْوَنُ مِمَّا يُحْلَفُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute