[فَصْلٌ فِي الزَّعْمِ وَكَوْنِ زَعَمُوا مَطِيَّةَ الْكَذِبِ]
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ زَعَمُوا مَطِيَّةُ الْكَذِبِ وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: زَعَمَ فُلَانٌ اقْتَصَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى الْكَرَاهَةِ عِنْدَهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: بَابٌ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ زَعَمُوا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا وَكِيعٌ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِابْنِ مَسْعُودٍ: مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي زَعَمُوا؟ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ» قَالَ أَبُو دَاوُد وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ حُذَيْفَةُ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا.
وَقَالَ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ فِي أَطْرَافِ الْحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ بِخَطِّهِ لَمْ يَسْمَعْ أَبُو قِلَابَةَ مِنْهُمَا وَهُوَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ قَالَ قِيلَ لَهُ: مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي زَعَمُوا؟ وَذَكَرَهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: مَعْنَاهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَرَادَ الْمَسِيرَ إلَى بَلَدٍ، وَالظَّعْنَ فِي حَاجَةٍ رَكِبَ، مَطِيَّتَهُ وَسَارَ حَتَّى يَقْضِيَ أَرَبَهُ فَشَبَّهَ مَا يُقَدِّمُهُ أَمَامَ كَلَامِهِ وَيَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى غَرَضِهِ (زَعَمُوا كَذَا وَكَذَا) بِالْمَطِيَّةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ زَعَمُوا فِي حَدِيثٍ لَا سَنَدَ لَهُ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَحْكِي عَنْ الْأَلْسُنِ عَلَى سَبِيلِ الْبَلَاغِ قَدَّمَ مِنْ الْحَدِيثِ مَا كَانَ سَبِيلُهُ وَالزَّعْمُ بِضَمِّ الزَّاي وَالْفَتْحِ قَرِيبٌ مِنْ الظَّنِّ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ الزَّعْمُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ، وَعَلَى الْكَذِبِ، وَعَلَى الْمَشْكُوكِ فِيهِ، وَيَنْزِلُ كُلُّ مَوْضِعٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَقَالَ فِي أَوَّلِ خُطْبَةِ مُسْلِمٍ كَثُرَ الزَّعْمُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ.
وَفِي الْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَعَمَ جِبْرِيلُ، وَفِي خَبَرِ ضَمْضَمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ زَعَمَ رَسُولُكَ، وَأَكْثَرَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: زَعَمَ الْخَلِيلُ كَذَا فِي أَشْيَاءَ يَرْتَضِيهَا سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ فِي بَابِ السُّؤَالِ أَوَائِلَ كِتَابِهِ الْإِيمَانُ وَنَقَلَهُ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ بِاللُّغَةِ مِنْ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute