للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَعْوَى أَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ إنْ أُرِيدَ بِوَجْهٍ مَا فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مِنْ بَعْضِ الْجِهَاتِ فَيُسَلَّمُ، وَلَكِنْ لَا يَنْتُجُ الدَّلِيلُ، وَبَسْطُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ يَطُولُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَمَّا إنْ أَنْفَقَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَمَاتَ مُعْسِرًا غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَمْ يُمْكِنْ الْقَوْلُ بِأَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُجَازَى عَلَيْهِ وَلَا أَنَّهُ يَتَّبِعُ بِهِ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَكْلِيفِهِ وَدُخُولِهِ النَّارَ بِتَحْمِيلِهِ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِ الْمَالِ.

وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا صَغِيرًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ حَرَقِهِ، وَغَرَقِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَائِبِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي بَرَاءَةِ مَنْ رَدَّ مَا غَصَبَهُ عَلَى وَرَثَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَبَقَاءِ إثْمِ الْغَصْبِ]

ِ) قَالَ حَرْبٌ: سُئِلَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ غَصَبَ رَجُلًا شَيْئًا فَمَاتَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَلَهُ وَرَثَةٌ وَنَدِمَ الْغَاصِبُ فَرَدَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَلَى وَرَثَتِهِ فَذَهَبَ إلَى أَنَّهُ قَدْ بَرِئَ مِنْ إثْمِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ إثْمِ الْغَصْبِ الَّذِي غَصَبَ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ: أَمَّا إثْمُ الْغَصْبِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَقَدْ خَرَجَ مِمَّا كَانَ أَخَذَ.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمَظْلُومِ الَّذِي أُخِذَ مَالُهُ وَأُعِيدَ إلَى وَرَثَتِهِ، بَلْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الظَّالِمَ بِمَا حَرَمَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>