[فَصْلٌ فِي أَخْذِ الْعِلْمِ عَنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانُوا صِغَارَ السِّنِّ]
ِّ) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بَلَغَنِي عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ الْغُلَامُ أُسْتَاذٌ إذَا كَانَ ثِقَةً.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَأَنْ أَسْأَلَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَيُفْتِيَنِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَسْأَلَ أَبَا عَاصِمٍ وَابْنَ دَاوُد، إنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ بِالسِّنِّ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ عَنْ حَدَاثَةِ السِّنِّ وَلَا قِدَمِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ وَقَالَ وَكِيعٌ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ عَالِمًا حَتَّى يَسْمَعَ مِمَّنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ وَمَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَمَنْ هُوَ دُونَهُ فِي السِّنِّ. هَذِهِ طَرِيقَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي مَنَاقِبِهِ وَغَيْرُهُ.
وَفِي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ وَجَدْت فِي تَعَالِيقِ مُحَقِّقٍ أَنَّ سَبْعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ مَاتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَهُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، فَعَجِبْت مِنْ قُصُورِ أَعْمَارِهِمْ مَعَ بُلُوغِهِمْ الْغَايَةَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ، فَمِنْهُمْ الْإِسْكَنْدَرُ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَقَدْ مَلَكَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ صَاحِبُ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ، وَابْنُ الْمُقَفَّعِ صَاحِبُ الْخَطَابَةِ وَالْفَصَاحَةِ، وَسِيبَوَيْهِ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ وَالتَّقَدُّمِ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَأَبُو تَمَّامٍ الطَّائِيُّ فِي عِلْمِ الشِّعْرِ، وَإِبْرَاهِيمُ النِّظَامُ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ، وَابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ فِي الْمَخَازِي، وَلَهُ كِتَابُ الدَّامِغِ مِمَّا غُرَّ بِهِ أَهْلُ الْخَلَاعَةِ، وَلَهُ الْجَدَلُ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كُنْت أُقْرِئُ رِجَالًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute