للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي إبَاحَةِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ وَحِكْمَةِ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ]

فَصْلٌ (فِي إبَاحَةِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا إجْمَاعًا، وَالْأَقْوَالُ فِي حِكْمَةِ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ) وَيُبَاحُ كُلُّ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالظَّاهِرِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ وَكَذَا إبَاحَةُ الذَّهَبِ لَهُنَّ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ خَطَبَ وَقَالَ: لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمْ الْحَرِيرَ فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ وَعَنْهُ أَيْضًا الْإِبَاحَةُ.

وَرَوَى أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ لِابْنَتِهِ لَا تَلْبَسِي الذَّهَبَ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْك مِنْ حَرِّ اللَّهَبِ، وَرَوَى مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ الذَّهَبَ لِلنِّسَاءِ

وَمَا يَدُلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْأَخْبَارِ يُحْمَلُ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهَا عَلَى تَحْرِيمٍ سَابِقٍ لِصِحَّةِ أَحَادِيثِ الْإِبَاحَةِ وَتَأَخُّرِهَا.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ فِي فُصُولِ الطِّبِّ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمَاتِ أَنَّ لِبَاسَ الْحَرِيرِ أَعْدَلُ اللِّبَاسِ وَأَوْفَقُهُ لِلْبَدَنِ فَلِمَ حَرَّمَهُ الشَّرْعُ؟ قِيلَ: لِتَصْبِرَ النَّفْسُ عَنْهُ فَتُثَابَ وَلَهَا عِوَضٌ عَنْهُ، وَقِيلَ: فِي إبَاحَتِهِ مَفْسَدَةُ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَقِيلَ: لِمَا يُورِثُ لُبْسُهُ مِنْ الْأُنُوثَةِ وَالتَّخَنُّثِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ ضِدُّ الشَّهَامَةِ وَالرُّجُولِيَّةِ، وَقِيلَ: لِمَا يُورِثُهُ لُبْسُهُ مِنْ الْفَخْرِ وَالْعُجْبِ، وَمَنْ لَمْ يَرَ الْحِكَمَ وَالتَّعْلِيلَ لِلْأَحْكَامِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى جَوَابٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>