للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ تَقْبِيلِ الْيَدِ أَوْ الْكَفِّ أَوْ الْقَدَمِ أَوْ الْبَاسِطَةِ أَوْ الْبَاسِطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ]

فَصْلٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَيَنْبَغِي فِي الْمُكَاتَبَةِ تَحَرِّي طَرِيقِ السَّلَفِ وَمَا قَارَبَهَا، فَأَمَّا مَا أَحْدَثَهُ الْكُتَّابُ مِنْ تَقْبِيلِ الْيَدِ أَوْ الْكَفِّ أَوْ الْقَدَمِ أَوْ الْبَاسِطَةِ أَوْ الْبَاسِطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ فِي أَمْرٍ دِينِيٍّ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهِ مَفْسَدَةٌ أَعْظَمُ مِنْهُ. فَأَمَّا تَقْبِيلُ الْأَرْضِ فَيُتَلَطَّفُ فِي تَرْكِهَا مُطْلَقًا حَسَبُ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ أَتَى بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرِنَ بِذَلِكَ نِيَّةً وَتَأْوِيلًا، كَمَا فِي لَفْظِ الْإِتْيَانِ بِالْعَبْدِ أَوْ الْعَبْدِ الْأَصْغَرِ أَوْ الْعَبْدِ الرِّقِّ أَوْ الْمَمْلُوكِ أَوْ الْخَادِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَقَدْ رَأَيْتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ (كِتَابَ سِيرَةِ الْخُلَفَاءِ) كَأَنَّهُ صَنَعَهُ لِبَعْضِ الْخُلَفَاءِ أَوْ لِبَعْضِ الْأَكَابِرِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَرَغَ مِنْ تَصْنِيفِهِ الْعَبْدُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ يُقَبِّلُ الْأَرْضَ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، أَوْ بِوَجْهِهِ وَيَدِهِ. وَنَحْوِ ذَلِكَ.

فَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ بِمِثْلِ هَذَا إلَى الْكُفَّارِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقَدْ رَأَيْتُ مَنْ يَفْعَلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ. لَكِنْ لَيْسَ هُوَ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي عِلْمٍ وَلَا عَمَلٍ، وَرَأَيْتُ مِنْ حَالِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْعُلَمَاءِ الْأَخْيَارِ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى مَفْسَدَةِ هَذَا وَمَا يُشْبِهُهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ حُصُولِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ لِأَنَّ الشَّارِعَ يَنْظُرُ فِي دَرْءِ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِارْتِكَابِ أَدْنَاهُمَا، وَهَذَا فِيهِ تَسْهِيلٌ، وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي مِثْل هَذِهِ الْأَزْمَانِ، وَالِاحْتِيَاطُ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ وَالتَّلَطُّفُ بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ إلَى سُلُوكِ طَرِيقِ الشَّرْعِ وَمَا يُقَارِبُهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُمْ كَرِهُوا أَنْ يُقَالَ عَبْدُكَ وَيَا مَوْلَايَ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ يَا سَيِّدِي وَأَجَازَ هَذَا بَعْضُهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْقَوْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِمُنَافِقٍ وَلَا كَافِرٍ وَلَا فَاسِقٍ يَا سَيِّدِي وَيُقَالُ، لِغَيْرِهِمْ، وَاحْتَجَّ بِأَخْبَارٍ تَأْتِي فِي الْمَدْحِ فِي الْوَجْهِ قَبْلَ فُصُولِ اللِّبَاسِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْضَى أَحَدٌ أَنْ يُخَاطَبَ يَا سَيِّدِي وَأَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>