[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْبَاذِنْجَانِ]
ِ) وَمِنْ الْمَوْضُوعِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ.» وَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ وَقِيلَ: بَارِدٌ يَابِسٌ وَالْكَيْمُوسُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُ مَرَارٌ أَسْوَدُ مُحْتَرِقٌ فَلِذَلِكَ يُوَلِّدُ السَّوْدَاءَ وَالْبَوَاسِيرَ وَالْكَلَفَ وَالسَّرَطَانَ وَالْجُذَامَ وَالدُّوَارَ وَالصَّرَعَ، وَيَضُرُّ بِنَتِنِ الْفَمِ، وَيَنْبَغِي تَشْقِيقُهُ كَالصَّلِيبِ وَيُجْعَلُ فِي جَوْفِهِ مِلْحًا مَدْقُوقًا وَبِتَرْكِهِ سَاعَةً يَمْتَصُّ الْمِلْحُ مَائِيَّتَهُ الرَّدِيئَةَ ثُمَّ يَغْسِلُهُ مَرَّاتٍ وَيُبَدِّدُ عَنْهُ الْمَاءَ إلَى أَنْ يَصْفُوَ سَوَادُهُ، وَيَطْبُخُهُ بِخَلٍّ أَوْ مَاءِ حِصْرِمٍ مَعَ دُهْنِ اللَّوْزِ وَلَحْمٍ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: لَحْمُ جَمَلٍ، وَيَأْكُلُ بَعْدَهُ رُمَّانًا مُزًّا، وَخَاصَّةً الْبَاذِنْجَانُ إنَّهُ يُوَرِّثُ سَوَادَ اللَّوْنِ، وَإِصْلَاحُهُ بِالْخَلِّ وَالدُّسُومَاتِ، وَهُوَ جَيِّدٌ لِلْمَعِدَةِ الَّتِي تَقِيءُ الطَّعَامَ رَدِيءٌ لِلرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَكَثِيرًا مَا يَتَوَلَّدُ عَنْهُ الْقَوَابِي وَالْبَوَاسِيرُ وَالرَّمَدُ وَالْمَطْبُوخُ بِالْخَلِّ يُوَافِقُ، وَيَنْفَعُ أَصْحَابَ الْأَطْحِلَةِ الْغَلِيظَةِ نَفْعًا بَيِّنًا، وَإِذَا أُخِذَ مِنْ قطارميز الْبَاذِنْجَانِ وَخُلِطَ مَعَ مِثْلِهَا مِنْ لُبِّ اللَّوْزِ الْمُرِّ وَدُقَّا وَعُجِنَا بِدُهْنِ بَنَفْسَجٍ وَطُلِيَتْ بِهِ الْبَوَاسِيرُ نَفَعَتْ مِنْهَا مُجَرَّبٌ، وَمِنْ الْمُجَرَّبِ أَيْضًا إذَا سُحِقَ الزِّئْبَقُ بِمَاءِ الْبَاذِنْجَانِ سَحْقًا بَلِيغًا وَكُتِبَ بِهِ كِتَابَةً وَأُحْمِيَ فِي النَّارِ بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ.
وَالْأَبْيَضُ مِنْ الْبَاذِنْجَانِ الْمُسْتَطِيلِ الَّذِي بِدِمَشْقَ أَصْلَحُ مِنْ الْأَسْوَدِ الَّذِي بِبِلَادِ الْعَجَمِ، وَبِالْفَوْرِ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ وَقِيلَ: هَذَا الْأَبْيَضُ عَارٍ مِنْ مَضَارِّ الْأَسْوَدِ.
وَذَكَرَ ابْن عَبْد الْبَرِّ عَنْ عَيَّاشٍ الدَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لَا يُمَلُّ الْبَاذِنْجَانُ قَالَ: وَسَمِعْتُ الْقَاضِيَ أَبَا عَمْرو فِي نُسْخَةٍ عَمْرو يَقُولُ لَوْ يَعْلَمُ الثَّوْرُ الَّذِي يَحْمِلُ الْبَاذِنْجَانَ أَنَّهُ عَلَيْهِ تَاهَ عَلَى الثِّيرَانِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا لِمَنْ اسْتَطَابَهُ وَعُذْرُهُ عِنْدَهُ، وَذَمُّهُ عِنْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ مَدْحِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute