للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي قَبُولِ التَّوْبَةِ مَا لَمْ يَرَ التَّائِبُ مَلَكَ الْمَوْتِ أَوْ يُغَرْغِرْ]

وَتُقْبَلُ مَا لَمْ يُعَايِنْ التَّائِبُ الْمَلَكَ وَرَوَى ابْن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ نَصْرِ بْنِ حَمَّادٍ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ، عَنْ مُوسَى بْنِ كَرَدْمِ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قِيسٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَتَى تَنْقَطِعُ مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ مِنْ النَّاسِ قَالَ: إذَا عَايَنَ» وَقِيلَ مَا دَامَ مُكَلَّفًا كَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ؛ لِأَنَّ الرُّوحَ تُفَارِقُ الْقَلْبَ قَبْلَ الْغَرْغَرَةِ فَلَا تَبْقَى لَهُ نِيَّةٌ وَلَا قَصْدٌ صَحِيحٌ. فَإِنْ جُرِحَ جُرْحًا مُوحِيًا صَحَّتْ تَوْبَتُهُ، وَالْمُرَادُ مَعَ ثَبَاتِ عَقْلِهِ لِصِحَّةِ وَصِيَّةِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَاعْتِبَارِ كَلَامِهِمَا.

وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا: لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ مُطْلَقًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِكَلَامِهِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ مَنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ كَقَطْعِ حَشْوَتِهِ وَغَرِيقٌ وَمُعَايِنٌ كَمَيِّتٍ.

وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَنَّ حُكْمَ مَنْ ذُبِحَ أَوْ أُبِينَتْ حَشْوَتُهُ وَهِيَ أَمْعَاؤُهُ لَا خَرْقُهَا وَقَطْعُهَا فَقَطْ كَمَيِّتٍ.

وَقَالَ فِي الْكَافِي تَصِحُّ وَصِيَّةُ مَنْ لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ قَالَ لِأَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُ، وَالْوَصِيَّةُ قَوْلٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ إنْ خَرَجَتْ حَشْوَتُهُ وَلَمْ تَبِنْ ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهُ وَرِثَهُ وَإِنْ أُبِينَتْ فَالظَّاهِرُ يَرِثُهُ لِأَنَّ الْمَوْتَ زُهُوقُ النَّفْسِ وَخُرُوجُ الرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ. وَلِأَنَّ الطِّفْلَ يَرِثُ وَيُورَثُ بِمُجَرَّدِ اسْتِهْلَالِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدُلُّ عَلَى حَيَاةٍ أَثْبَتَ مِنْ حَيَاةِ هَذَا، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا اعْتِبَارُ كَلَامِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ اعْتَبَرَهُ بِالطِّفْلِ الَّذِي اسْتَهَلَّ لَكِنْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ مَعَ بَقَاءِ رُوحِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ خِلَافُ كَلَامِهِمْ فِي الْجِنَايَاتِ لَكِنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْإِرْثِ فِي الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى.

وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي مِيرَاثِ الْحَمْلِ أَنَّ الْحَيَوَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>