للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَحَرَّكُ بَعْدَ ذَبْحِهِ شَدِيدًا وَهُوَ كَمَيِّتٍ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ مَا لَمْ تَبْلُغْ رُوحُهُ حُلْقُومَهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الَّذِي يَتَغَرْغَرُ بِهِ الْمَرِيضُ، وَالْغَرْغَرَةُ أَنْ يُجْعَلَ الْمَشْرُوبُ فِي الْفَمِ وَيُرَدَّدَ إلَى أَصْلِ الْحَلْقِ وَلَا يُبْلَعُ، وَمِنْهُ لَا تُحَدِّثْهُمْ بِمَا يُغَرْغِرُهُمْ أَيْ لَا تُحَدِّثْهُمْ بِمَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى فَهْمِهِ فَيَبْقَى فِي أَنْفُسِهِمْ لَا يَدْخُلُهَا، كَمَا يَبْقَى الْمَاءُ فِي الْحَلْقِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَقَالَ ابْنُ حُزَمٍ: اتَّفَقُوا أَنَّ مَنْ قَرُبَتْ نَفْسُهُ مِنْ الزُّهُوقِ فَمَاتَ لَهُ مَيِّتٌ أَنَّهُ يَرِثُهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ فَأَسْلَمَ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِهِ وَأَنَّهُ إنْ شَخَصَ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ إلَّا نَفَسٌ وَاحِدٌ فَمَاتَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّهَا فَمَنْ قَتَلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ قِيدَ بِهِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَسْلَمَ وَلَمْ تَبْلُغْ الرُّوحُ الْحُلْقُومَ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الصَّدَقَةِ «وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ» الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ

وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ حِكَايَةً عَنْ الْخَطَّابِيِّ: الْمُرَادُ قَارَبَتْ بُلُوغَ الْحُلْقُومَ إذْ لَوْ بَلَغَتْهُ حَقِيقَةً لَمْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ وَلَا شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَالْخَبَرُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ الْمُرَادُ قَرِيبَ وَفَاتِهِ حَضَرَتْ دَلَائِلُهَا وَذَلِكَ قَبْلَ الْمُعَايَنَةِ وَالنَّزْعِ وَلَوْ كَانَ فِي حَالِ الْمُعَايَنَةِ وَالنَّزْعِ لَمَا نَفَعَهُ الْإِيمَانُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء: ١٨] .

وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ الْمُعَايَنَةِ مُحَاوَرَتُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى الْحَدِيثِ جَعَلَ الْحُضُورَ

<<  <  ج: ص:  >  >>