[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْمِلْحِ]
رَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الْحَنَّاطِ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ بِالِاتِّفَاقِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «سَيِّدُ إدَامِكُمْ الْمِلْحُ» وَفِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ الْبَزَّارِ مَرْفُوعًا «سَتُوشِكُونَ أَنْ تَكُونُوا فِي النَّاسِ كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، وَلَا يَصْلُحُ الطَّعَامُ إلَّا بِالْمِلْحِ» .
وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا «إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ أَرْبَعَ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ: الْحَدِيدُ، وَالنَّارُ، وَالْمَاءُ، وَالْمِلْحُ» قَالَ الْأَطِبَّاءُ: فِي الْمِلْحِ مَرَارَةٌ وَقَبْضٌ، وَالْمُرُّ مِنْهُ قَرِيبٌ مِنْ البورق هَشٌّ وَمِنْهُ أندراني كَالْبَلُّورِ، وَمِنْهُ نِفْطِيٌّ أَسْوَدُ، وَمِنْهُ بَحْرِيٌّ يَذُوبُ كَمَا يَصُبُّهُ الْمَاءُ.
وَأَجْوَدُهُ الأندراني الْأَبْيَضُ الرَّقِيقُ وَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ جَلَّاءٌ مُحَلِّلٌ قَابِضٌ يُكْثِرُ مِنْ الرِّيَاحِ، وَيَنْفَعُ مِنْ الْعُفُونَةِ، وَيَنْفَعُ مِنْ غِلَظِ الْأَخْلَاطِ وَيُذِيبُهَا. وَاسْتِعْمَالُ الْمِلْحِ بِالْغَدَاةِ يُحَسِّنُ اللَّوْنَ وَمَعَ الْعَسَلِ وَالزَّيْتِ يُضَمَّدُ بِهِ الدَّمَامِيلُ لِيُنْضِجَهَا وَمَعَ الفوندج وَالْعَسَلِ لِلْأَوْرَامِ الْبَلْغَمِيَّةِ، وَهُوَ يَأْكُلُ اللَّحْمَ الزَّائِدَ، وَيَنْفَعُ مِنْ الْجَرَبِ الْمُتَقَرِّحِ وَالْحَكَّةِ الْبَلْغَمِيَّةِ وَالنِّقْرِسِ وَيُطْلَى بِهِ مَعَ شَجَرِ الْحَنْظَلِ بُثُورُ الرَّأْسِ. والأندراني يُحِدُّ الْبَخَرَ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَيُسَهِّلُ خُرُوجَ التُّفْلِ وَانْحِدَارَ الطَّعَامِ، وَيَنْفَعُ مِنْ أَوْجَاعِ الْمَعِدَةِ الْبَارِدَةِ وَيُسَهِّلُ الْبَلْغَمَ الْعَفِنَ وَالنُّخَامَ وَالسَّوْدَاءَ وَقَدْرُ شَرْبَتِهِ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَيُضَمَّدُ بِهِ مَعَ بِزْرِ كَتَّانٍ لِلَسْعِ الْعَقْرَبِ وَمَعَ الْخَلِّ وَالْعَسَلِ لِلزَّنَابِيرِ، وَيُشْرَبُ مَعَ سَكَنْجَبِينٍ فَيَدْفَعُ مَضَرَّةَ الْفِطْرِ الْقَتَّالِ وَالْأَفْيُونُ وَالْمِلْحِ الْمُحَرَّقُ يَجْلُو الْأَسْنَانَ وَالْمُرُّ مِنْهُ يُسَهِّلُ السَّوْدَاءَ بِقُوَّةٍ.
وَالْمِلْحُ يَضُرُّ الدِّمَاغَ وَالْبَصَرَ وَالرِّئَةَ وَيُصْلِحُهُ غَسْلُهُ وَشَيُّهُ وَيُضَافُ إلَيْهِ الصَّعْتَرُ. وَفِي الْمِلْحِ قُوَّةٌ تَزِيدُ الذَّهَبَ صُفْرَةً وَالْفِضَّةَ بَيَاضًا، وَيَمْنَعُ الْقُرُوحَ الْخَبِيثَةَ مِنْ الِانْتِشَارِ. وَإِذَا دُلِّكَ بِهِ بُطُونُ أَصْحَابِ الِاسْتِسْقَاءِ نَفَعَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute