[فَصْلٌ فِي الْأَدْهَانِ وَخَوَاصِّ أَنْوَاعِهَا]
) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْحُلْبَةِ قَرِيبًا فِي فَصْلٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَعْدٍ وَسَبَقَ فِي فُصُولِ حِفْظِ الصِّحَّةِ الْكَلَامُ فِي الْخَلِّ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الدُّبَّاءِ وَهُوَ الْقَرْعُ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «كُلُوا الزَّيْتَ وَادْهِنُوا بِهِ» وَالْكَلَامُ فِي الزَّيْتِ فِي مُدَاوَاةِ ذَاتِ الْجَنْبِ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ فِي كِتَابِ الشَّمَائِلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ وَيُكْثِرُ الْقِنَاعَ كَأَنَّ ثَوْبَهُ ثَوْبُ زَيَّاتٍ» ، الدَّهْنُ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ كَالْحِجَازِ مِنْ أَسْبَابِ حِفْظِ الصِّحَّةِ وَإِصْلَاحِ الْبَدَنِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَهْلُ الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - اسْتِحْبَابَ الْأَدْهَانِ مُطْلَقًا وَخَصَّهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْبِلَادِ الْحَارَّةِ وَأَنَّ الْحَمَّامَ لِأَهْلِ الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ كَالِادِّهَانِ لِغَيْرِهِمْ.
وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي بَابِ السِّوَاكِ. وَالدُّهْنُ يَسُدُّ مَسَامَّ الْبَدَنِ، وَيَمْنَعُ مَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ. وَاسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ بِمَاءٍ حَارٍّ يُحْسِنُ الْبَدَنَ وَيُرَطِّبُهُ وَيُحْسِنُ الشَّعْرَ وَيُطَوِّلُهُ، وَيَنْفَعُ مِنْ الْحَصْبَةِ وَغَيْرِهَا وَالْإِلْحَاحُ بِالدُّهْنِ فِي الرَّأْسِ فِيهِ خَطَرٌ بِالْبَصَرِ، وَأَنْفَعُ الْأَدْهَانِ الْبَسِيطَةِ الزَّيْتُ ثُمَّ السَّمْنُ ثُمَّ الشَّيْرَجُ.
وَأَمَّا الْمُرَكَّبَةُ فَمِنْهَا دُهْنُ الْبَنَفْسَج، وَمِنْ الْمَوْضُوعِ فِيهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَضْلُ دُهْنِ الْبَنَفْسَجِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْهَانِ كَفَضْلِي عَلَى سَائِرِ النَّاسِ» . مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ قَدْ احْتَجَّ بِهِ. وَهُوَ بَارِدٌ رَطْبٌ أَجْوَدُهُ الْمُتَّخَذُ بِاللَّوْزِ يَنْفَعُ الْجَرَبَ طِلَاءً وَيُلَيِّنُ صَلَابَةَ الْمَفَاصِلِ وَالْعَصَبِ، وَيَحْفَظُ صِحَّةَ الْأَظْفَارِ طِلَاءً، وَيَنْفَعُ مِنْ الصُّدَاعِ الْحَارِّ الْيَابِسِ وَيُرَطِّبُ الدِّمَاغَ وَيُنَوِّمُ أَصْحَابَ السَّهَرِ لَا سِيَّمَا مَا عُمِلَ بِحَبِّ الْقَرْعِ وَاللَّوْزِ الْحُلْوِ، وَيَنْفَعُ مِنْ الشِّقَاقِ وَغَلْيُهُ الْيَبَسُ وَيُسَهِّلُ حَرَكَةَ الْمَفَاصِلِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يُرْخِي الْبَدَنَ وَيُصْلِحُهُ دُهْنُ الزَّنْبَقِ وَيُعْتَاضُ عَنْهُ بِدُهْنِ اللِّينُوفَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute