[فَصْلٌ كَرَاهَةُ التَّشَدُّقِ فِي الْكَلَامِ]
ِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنْ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ كَمَا تَتَخَلَّلُ الْبَقَرُ بِلِسَانِهَا» إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الَّذِي يَتَشَدَّقُ فِي الْكَلَامِ وَيُفَخِّمُ بِهِ لِسَانَهُ وَيَلُفُّهُ كَمَا تَلُفُّ الْبَقَرَةُ الْكَلَأَ بِلِسَانِهَا لَفًّا، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنْ الْإِيمَانِ، وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ» كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.
وَفِي أَطْرَافِ الْحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ حَسَّانُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَإِنَّمَا جُعِلَ الْحَيَاءُ وَهُوَ غَرِيزَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ وَهُوَ اكْتِسَابٌ لِأَنَّ الْمُسْتَحْيِي يَنْقَطِعُ بِحَيَائِهِ عَنْ الْمَعَاصِي فَصَارَ كَالْإِيمَانِ الَّذِي يَقْطَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ بَعْضَهُ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَنْقَسِمُ إلَى ائْتِمَارِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَانْتِهَاءٍ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. فَإِذَا حَصَلَ الِانْتِهَاءُ بِالْحَيَاءِ كَانَ بَعْضَ الْإِيمَانِ، وَالْعِيُّ قِلَّةُ الْكَلَامِ، وَالْبَذَاءُ الْفُحْشُ فِي الْكَلَامِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ الْبَغْدَادِيُّ ثَنَا حَسَّانُ بْنُ هِلَالٍ ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارِينَ وَالْمُتَشَدِّقِينَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: الْمُتَكَبِّرُونَ» مُبَارَكٌ ثِقَةٌ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ جِهَةِ التَّدْلِيسِ وَقَدْ زَالَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ مُبَارَكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ رَبِّهِ وَهَذَا أَصَحُّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الثَّرْثَارُ الَّذِي يُكْثِرُ الْكَلَامَ تَكَلُّفًا وَخُرُوجًا عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute