[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْأَكْلِ]
فَصْلٌ وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ تَجْعَلَ بَطْنَك ثَلَاثًا، ثُلُثًا لِلطَّعَامِ وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ وَثُلُثًا لِلنَّفَسِ، وَلَوْ أَكَلْت كَثِيرًا لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ قَالَ الْحَسَنُ لَيْسَ فِي الطَّعَامِ إسْرَافٌ، وَالْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ فِي ذَلِكَ وَرَدَ بِالْأَكْلِ تَأْدِيبًا لَا تَحْدِيدًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ سَمِعْت الْمِقْدَادَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثُ طَعَامٍ وَثُلُثُ شَرَابٍ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَهُ طُرُقٌ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحٌ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ وَقِيلَ لَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُونَ مِنْ طَعَامِهِمْ قَالَ مَا يُعْجِبُنِي سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ فَعَلَ قَوْمٌ هَكَذَا فَقَطَعَهُمْ عَنْ الْفَرْضِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى بَالَغَ فِي تَقْلِيلِ الْغِذَاءِ أَوْ الشَّرَابِ فَأَضَرَّ بِبَدَنَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ قَصَرَ عَنْ فِعْلِ وَاجِبٍ لِحَقِّ اللَّهِ أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَالتَّكَسُّبِ لِمَنْ يَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ وَإِلَّا كُرِهَ ذَلِكَ إذَا خَرَجَ عَنْ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَطِبَّاءُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي التَّأْخِيرُ عَنْ تُنَاوِل ذَلِكَ إذَا تَاقَتْ إلَيْهِ النَّفْسُ وَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْغِذَاءَ، ثُمَّ لَمْ تَطْلُبْهُ نَفْسُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَنَاوَلُهُ إذًا، بَلْ يُنْهِضُهَا بِالرِّيَاضَةِ أَوْ بِالْقَيْءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَنَقَلْت مِنْ غَيْرِ الْجَامِعِ وَهُوَ مِنْ كِتَابِ الْوَرَعِ.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُؤْجَرُ الرَّجُلُ فِي تَرْكِ الشَّهَوَاتِ قَالَ كَيْفَ لَا يُؤْجَرُ وَابْنُ عُمَرَ يَقُولُ مَا شَبِعْت مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَجِدُ الرَّجُلُ مِنْ قَلْبِهِ رِقَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute