[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ الْجُبْنِ]
ِ) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجُبْنَةٍ فِي تَبُوكَ «فَدَعَا بِسِكِّينٍ فَسَمَّى وَقَطَعَ» رَوَاهُ دَاوُد. وَأَكَلَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْجُبْنَ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: الْجُبْنُ الرَّطْبُ بَارِدٌ رَطْبٌ فِي الثَّالِثَةِ مُسَمِّنٌ مُلَيِّنٌ تَلْيِينًا مُعْتَدِلًا وَهُوَ غَلِيظٌ يُزِيدُ فِي اللَّحْمِ مُوَلِّدٌ لِلْحَصَى وَالسُّدَدِ وَيُصْلِحُهُ الْجَوْزُ وَالزَّيْتُ أَوْ الْعَسَلُ قَالَ بَعْضُهُمْ جَيِّدٌ لِلْمَعِدَةِ، وَالْحَرِيفُ مِنْهُ وَهُوَ الْعَتِيقُ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّالِثَةِ مُلْهِبٌ مُعَطِّشٌ رَدِيءُ الْغِذَاءِ وَفِيهِ جَلَاءٌ وَيُقَوِّي فَمَ الْمَعِدَةِ إذَا تَلَقَّمَ بِهِ بَعْدَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُوَلِّدُ الْحَصَى فِي الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ وَيُوَلِّدُ خَلْطًا مَرَارِيًّا، وَيَهْزِلُ، رَدِيءٌ لِلْمَعِدَةِ عَسِرُ الْهَضْمِ وَخَلْطُهُ لِلْمُطْلَقَاتِ أَرْدَأُ بِسَبَبِ تَنْفِيذِهَا لَهُ إلَى الْمَعِدَةِ وَسَيْفُهُ يُصْلِحُهُ لِاجْتِنَابِ النَّارِ مِنْ أَجْزَائِهِ وَيُمْسِكُ الطَّبْعَ.
وَأَمَّا الزُّبْدُ فَأَجْوَدُهُ الطَّرِيُّ مِنْ لَبَنِ الضَّأْنِ حَارٌّ رَطْبٌ فِي الْأُولَى وَرُطُوبَتُهُ أَكْثَرُ مُنْضِجٌ مُحَلِّلٌ إذَا طُلِيَ بِهِ الْبَدَنُ سَمَّنَهُ وَغَذَّاهُ، وَيَنْفَعُ جِرَاحَاتِ الْعَصَبِ وَالْأَوْرَامِ، وَيَمْلَأُ الْقُرُوحَ وَيُنَقِّيهَا وَيُسَهِّلُ نَبَاتَ الْأَسْنَانِ إذَا طُلِيَ بِهِ، وَيَنْفَعُ مِنْ السُّعَالِ الْيَابِسِ وَالْبَارِدِ مَعَ السُّكَّرِ وَاللَّوْزِ وَلِذَاتِ الْجَنْبِ وَالرِّئَةِ وَيُسَهِّلُ النَّفْثَ، وَيَنْفَعُ نَفْثَ الدَّمِ وَقَذْفَ الْمِدَّةِ إذَا أُخِذَتْ مِنْهُ أُوقِيَّةٌ وَنِصْفٌ بِعَسَلٍ، وَيَحْتَقِنُ بِهِ لِلْأَوْرَامِ الصُّلْبَةِ وَيُقَاوِمُ السُّمُومَ، وَيَنْفَعُ نَهْشَةَ الْأَفْعَى طِلَاءً وَيُرْخِي الْمَعِدَةَ، وَتُصْلِحُهُ الْأَشْيَاءُ الْقَابِضَةُ، وَيُذْهِبُ الْقَوَابِيَ وَالْخُشُونَةَ الَّتِي فِي الْبَدَنِ وَيُلَيِّنُ الطَّبِيعَةَ وَيُسْقِطُ شَهْوَةَ الطَّعَامِ وَهُوَ وَخِمٌ أَيْ: وَبِيءٌ يَطْفُوا فِي فَمِ الْمَعِدَةِ وَيُذْهِبُ بِوَخَامَتِهِ الْحُلْوُ كَالْعَسَلِ وَالتَّمْرِ.
وَلِهَذَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِالْإِسْنَادِ الْجَيِّدِ عَنْ ابْنَيْ بِشْرٍ وَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ وَعَطِيَّةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَا: «دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدَّمْنَا إلَيْهِ زُبْدًا وَتَمْرًا وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ، وَكَذَا السَّمْنُ» فَقَدْ سَبَقَ فِيهِ الْحَدِيثُ فِي فَضْلِ الصِّحَّةِ أَنَّ سَمْنَ الْبَقَرِ دَوَاءٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute