[فَصْلٌ فِي الْقَمْلِ]
فَصْلٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ «كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي فَحُمِلْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ مَا كُنْتُ أَرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى» وَلِمُسْلِمٍ «فَاحْلِقْهُ وَاذْبَحْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ» .
(الْقَمْلِ) يَتَوَلَّدُ. مِنْ شَيْءٍ خَارِجٍ عَنْ الْبَدَنِ وَهُوَ الْوَسَخُ فِي سَطْحِ الْجَسَدِ مِنْ خَلْطٍ رَدِيءٍ عَفِنٍ تَدْفَعُهُ الطَّبِيعَةُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ فَتُعَفِّنُ الرُّطُوبَةَ الدَّمَوِيَّةَ فِي الْبَشَرَةِ بَعْدِ خُرُوجِهَا مِنْ الْمَسَامِّ فَيَكُونُ مِنْهُ الْقَمْلُ. وَالْقَمْلُ فِي الصِّبْيَانِ أَكْثَرُ لِكَثْرَةِ رُطُوبَتِهِمْ وَتَعَاطِيهمْ السَّبَبَ الَّذِي يُوَلِّدُهُ، وَلِذَلِكَ «حَلَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُءُوسَ بَنِي جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -» وَحَلْقُهُ مِنْ أَكْبَرِ عِلَاجِهِ لِتَتَفَتَّحَ مَسَامُّ الْأَبْخِرَةِ فَتَتَصَاعَدُ فَتَقِلُّ مَادَّةُ الْخَلْطِ وَيَنْبَغِي طَلْيُ الرَّأْسِ بَعْدِ حَلْقِهِ بِدَوَاءٍ يَقْتُلُ الْقَمْلَ وَيَمْنَعُ تَوَلُّدَهُ، وَأَكْلُ التِّينِ الْيَابِسِ يُوَلِّدُ دَمًا لَيْسَ بِالْجَيِّدِ فَلِذَلِكَ يَقْمَلُ.
قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: سَبَبُ تَوَلُّدِ الْقَمْلِ رُطُوبَةٌ فَاسِدَةٌ تَغْلُظُ عَنْ مِقْدَارِ الْعَرَقِ قَلِيلًا فَلَا تَنْفُذُ فِي الْمَسَامِّ فَيَتَوَلَّدُ فِي عُمْقِ الْجِلْدِ لَا فِي سَطْحِهِ. فَيُطْلَى الرَّأْسُ أَوْ الْمَكَانُ الَّذِي يَتَوَلَّدُ فِيهِ الْقَمْلُ بِصَبِرٍ وَبِوَرَقٍ وَمُرٍّ فِي الْحَمَّامِ وَيُتْرَكُ سَاعَةً ثُمَّ يُغْسَلُ أَوْ يُطْلَى بِالزِّئْبَقِ الْمَقْتُولِ بِدُهْنِ الْوَرْدِ وَيُكْثِرُ الِاسْتِحْمَامَ وَلُبْسَ الْكَتَّانِ فَإِنَّهُ أَقَلُّ الثِّيَابِ إقْمَالًا أَوْ يَتْرُكُ الْأَغْذِيَةَ الْغَلِيظَةَ الْحَارَّةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا صَاحِبُ الْقَمْلِ تَعْرِضُ لَهُ صُفْرَةٌ فِي وَجْهِهِ وَقِلَّةُ شَهْوَةِ الطَّعَامِ وَيَنْحُفُ بَدَنُهُ وَتَضْعَفُ قُوَّتُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute