للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي الطَّبِيبِ وَالْعَامِلِ مِنْ الْعِلْمِ]

وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِأَعْلَمِ أَهْلِهِ كَمَا عَلَيْهِ نَظَرُ عُقَلَاءِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَمَ أَقْرَبُ إلَى الْإِصَابَةِ. وَلِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «أَنَّ رَجُلًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُرِحَ فَاحْتَقَنَ الدَّمُ وَإِنَّ الرَّجُلَ دَعَا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي أَنْمَارٍ يَنْظُرَانِ إلَيْهِ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُمَا أَيُّكُمْ أَطَبُّ؟ فَقَالَا أَوَ فِي الطِّبِّ خَيْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ» فَأَمَّا الْجَاهِلُ فَلَا يَسْتَعِينُ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ جُهَّالُ الْأَطِبَّاءِ هُمْ الْوَبَاءُ فِي الْعَالِمِ، وَتَسْلِيمُ الْمَرْضَى إلَى الطَّبِيعَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَسْلِيمِهِمْ إلَى جُهَّالِ الطِّبِّ. وَإِنْ اسْتَطَبَّ جَاهِلًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ ظَنَّ ضَرَرًا لَمْ يَجْزِ، وَإِنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ بِقَرِينَةٍ لَمْ يُحَرَّمُ، وَإِنْ اسْتَوَى الْحَالُ عِنْدَهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَاسْتِوَاءِ الْحَالِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ، وَفِي الْجَوَازِ قَوْلَانِ هُنَاكَ.

وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمُغْنِي مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ إنْ تَطَبَّبَ غَيْرُ حَاذِقٍ فِي صِنَاعَتِهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْمُبَاشَرَةُ وَلِهَذَا لَمْ يَنْفِ الْأَصْحَابُ عَنْهُ الضَّمَانَ إلَّا مَعَ عِلْمِ الْحَذْقِ مِنْهُ وَلَمْ تَجْنِ يَدُهُ.

الْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْعِلْمِ الظَّنُّ وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ» .

وَقَالَ ابْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَبُو دَاوُد لَمْ يَرْوِهِ إلَّا الْوَلِيدُ لَا نَدْرِي هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا.

وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ وَكَذَا النَّسَائِيُّ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ الْوَلِيدِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَعُمَرُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَلَامُ فِيهِ مَشْهُورٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>