للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي صِيَانَةِ الْمَسَاجِدِ وَآدَابِهَا وَكَرَاهَةِ زَخْرَفَتِهَا]

) يُسَنُّ أَنْ يُصَانَ كُلُّ مَسْجِدٍ عَنْ كُلِّ وَسَخٍ وَقَذَرٍ وَقَذَاةٍ وَمُخَاطٍ وَبُصَاقٍ فَإِنْ بَدَرَهُ فِيهِ أَخَذَهُ بِثَوْبِهِ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يُصَانَ عَنْ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَيُكْرَهُ إزَالَةُ الْأَوْسَاخِ فِي الْمَسَاجِدِ كَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ.

وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ الْقَذَاةِ، وَالْبَصْقَةُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى حَائِطِهِ وَجَبَ إزَالَتُهَا وَيُسْتَحَبُّ تَخْلِيقُ مَوْضِعِهَا لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

وَتُكْرَهُ زَخْرَفَتُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ نَقْشٍ، أَوْ صَبْغٍ أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُلْهِي الْمُصَلِّيَ عَنْ صَلَاتِهِ غَالِبًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ حَرُمَ وَوَجَبَ الضَّمَانُ.

وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ سَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ أَنَّهُ هَلْ يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْمَسْجِدِ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَتَجِبُ إزَالَتُهُ وَزَكَاتُهُ بِشَرْطِهَا أَوْ يُكْرَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا بَأْسَ بِتَحْلِيَةِ الْمَسْجِدِ بِذَهَبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَحَبَّهُ لِذَلِكَ، وَعِنْد الْمَالِكِيَّةِ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَيُصَانُ الْمَسْجِدُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُفِيدِ مِنْهُمْ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ.

وَأَوَّلُ مَنْ ذَهَّبَ الْكَعْبَةَ فِي الْإِسْلَامِ وَزَخْرَفَ الْمَسَاجِدَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا بَعَثَ إلَى خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ، وَالِي مَكَّةَ حِينَئِذٍ فَيُضَعِّفُ قَوْلَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ عَمَّنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ هُمْ مَحْجُوجُونَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْكَعْبَةِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَالْمُتَوَلِّي عَلَى الْمَسْجِدِ إذَا فَعَلَ مَا يَرْجِعُ إلَى النَّقْشِ، وَالزِّينَةِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ ضَمِنَ وَيُصَانُ عَنْ تَعْلِيقِ مُصْحَفٍ، أَوْ غَيْرِهِ فِي قِبْلَتِهِ دُونَ وَضْعِهِ بِالْأَرْضِ.

قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: يُكْرَهُ أَنْ يُعَلَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>