[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَعَكْسِهِ وَمَنْ حَرَّمَهُ]
يُكْرَهُ تَشَبُّهُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ وَامْرَأَةٍ بِرَجُلٍ فِي لِبَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَعَنْهُ يَحْرُمُ ذَلِكَ وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ وَهُوَ أَوْلَى، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُخَاطُ لِلنِّسَاءِ هَذِهِ الزِّيقَاتُ الْعِرَاضُ فَقَالَ إنْ كَانَ شَيْءٌ عَرِيضٌ فَأَكْرَهُهُ هُوَ مُحْدَثٌ وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ وَسَطٌ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا. وَكَرِهَ أَنْ يَصِيرَ لِلْمَرْأَةِ مِثْلُ جَيْبِ الرِّجَالِ، وَقَطَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِابْنَتِهِ قَمِيصًا وَأَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ لِلْخَيَّاطِ، صَيِّرْ جَيْبَهَا برشكاب، يَعْنِي مِنْ قُدَّامَ: وَقَطَعَ لِوَلَدِهِ الصِّغَارِ قُمُصًا فَقَالَ لِلْخَيَّاطِ صَيِّرْ زِيقَاتِهَا دِقَاقًا وَكَرِهَ أَنْ يَصِيرَ عَرِيضًا.
وَكُنْت يَوْمًا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَمَرَّتْ بِهِ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا قَبَاءٌ فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ فَقُلْت تَكْرَهُهُ؟ قَالَ كَيْفَ لَا أَكْرَهُهُ جِدًّا؟ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قُلْ لِلْخَيَّاطِ يُصَيِّرْ عُرَى الْقَمِيصِ عِرَاضٌ فَإِنَّهُ رُبَّمَا صَيَّرَهَا دِقَاقًا فَتَنْقَطِع سَرِيعًا.
وَيَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الْخُفِّ فَيُنْهَى عَنْ لُبْسِ خُفٍّ يُشْبِهُ خُفَّ الرِّجَالِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ نَصِّ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى إبَاحَةِ لُبْسِ الْخُفِّ لِلْمَرْأَةِ، وَيَدْخُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute