[فَصْلٌ فِي إنْصَافِ طُلَّابِ الْعِلْمِ وَمَنْ كَانَ يُحَابِي فِي التَّحْدِيثِ]
ِ) قَالَ مُهَنَّا: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ يَضَعُ فِي الْحَدِيثِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ فِي الشَّفَاعَاتِ، وَنَحْنُ عَلَى الْبَابِ نَتَضَوَّرُ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادَةَ: كَانَ لَا يُنْصِفُهُمْ فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي إسْمَاعِيلَ قُلْت: كَيْفَ كَانَ لَا يُنْصِفُ؟ قَالَ كَانَ يُحَدِّثُ بِالشَّفَاعَاتِ قُلْت: فَإِنْ كَانَ رَجُلٌ لَهُ إخْوَانٌ يَخُصُّهُمْ بِالْحَدِيثِ لَا تَرَى ذَلِكَ قَالَ مَا أَحْسَنَ الْإِنْصَافَ؟ مَا أَرَى يَسْلَمُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا قُلْت: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُقْرِئُ رَجُلًا مِائَتَيْ آيَةٍ، وَيُقْرِئُ آخَرَ مِائَةَ آيَةٍ مَا تَقُولُ فِيهِ؟ فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُنْصِفَ بَيْنَ النَّاسِ وَقُلْت لَهُ: إنَّهُ يَأْخُذُ عَلَى هَذَا مِائَتَيْ آيَةٍ لِأَنَّهُ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ عَامِلًا بِهِ، وَيَأْخُذُ عَلَى هَذَا أَقَلَّ لِأَنَّهُ لَا يَبْلُغُ هَذَا فِي الْعَمَلِ، مَا تَرَى فِيهِ قَالَ مَا أَحْسَنَ الْإِنْصَافَ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ عِيسَى كَانَ مُنْتَصِبًا لِلنَّاسِ وَحَفْصٌ كَانَ يُحَدِّثُ بِالشَّفَاعَةِ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّوْرِيُّ ثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الْأَشْقَرُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِالْبَصْرَةِ فَجَعَلَ يُقْبِلُ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَيُحَدِّثُهُمْ فَقُلْنَا: تُقْبِلُ عَلَى هَؤُلَاءِ وَتَدَعُنَا قَالَ: أَهْلُ بَلَدِي أَحَقُّ بِالْحَدِيثِ مِنْكُمْ، وَسَمِعْت الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ الدَّوْرِيَّ يَقُولُ: رُبَّمَا كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَيَّامَ الْحَجِّ فَيَجِيئُهُ أَقْوَامٌ مِنْ الْحُجَّاجِ، فَيُقْبِلُ عَلَيْهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ فَرُبَّمَا قُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ غُرَبَاءُ وَإِلَى أَيَّامٍ يَخْرُجُونَ.
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ جَاءَ إلَى يُونُسَ فَأَخَذَ يَسْأَلُهُ وَيُمْلِي عَلَيْهِ وَمَعَهُ أَلْوَاحٌ، فَلَمَّا قَامَ قَالُوا: نَسْأَلُك فَلَا تُحَدِّثُنَا وَتُحَدِّثُ سُفْيَانَ قَالَ: سُفْيَانُ غَرِيبٌ وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا دَامَ الْعَالِمُ يَعْدِلُ بَيْنَكُمْ بِعِلْمِهِ لَا يَحِيفُ. وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: ١٨] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute