[فَصْلٌ فِي الشبرم]
فَصْلٌ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا بِمَاذَا كُنْتِ تَسْتَمْشِينَ؟ قَالَتْ بِالشُّبْرُمِ قَالَ حَارٌّ حَارٌّ ثُمَّ قَالَتْ اسْتَمْشَيْت بِالسَّنَا فَقَالَ لَوْ كَانَ شَيْءٌ يَشْفِي مِنْ الْمَوْتِ لَكَانَ السَّنَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرَامٍ «عَلَيْكُمْ بِالسَّنَا وَالسَّنُّوتِ فَإِنَّ فِيهِمَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إلَّا السَّامَ قِيلَ وَمَا السَّامُ؟ قَالَ الْمَوْتُ» بَعْضُ الْأَعْرَابِ يَقُولُونَ فِي السَّنُّوتِ تَسْمِينٌ أَيْ تَلْيِينُ الطَّبْعِ، وَيُسَمِّي الدَّوَاءَ الْمُسْهِلَ مَشْيًا عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَسْهُولَ يُكْثِرُ الْمَشْيَ لِلْحَاجَةِ.
(وَالشُّبْرُمُ) قِشْرُ عِرْقِ شَجَرَةٍ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الرَّابِعَةِ لَمْ يَرَ الْأَطِبَّاءُ اسْتِعْمَالَهُ لِفَرْطِ إسْهَالِهِ وَهُوَ يُسْهِلُ الدَّوَاءَ وَالْكَيْمُوسَ الْغَلِيظَ وَالْمَاءَ الْأَصْفَرَ وَالْبَلْغَمَ، مُكْرِبٌ مُغِثُّ، وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يَقْتُلُ. وَيَنْبَغِي إذَا اُسْتُعْمِلَ أَنْ يُنْقَعَ فِي اللَّبَنِ الْحَلِيبِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَيُغَيَّرُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَيُخْرَجُ وَيُجَفَّفُ فِي الظِّلِّ وَيُخْلَطُ مَعَهُ الْوَرْدُ وَالْكَثِيرَا أَوْ يُشْرَبُ بِمَاءِ الْعَسَلِ أَوْ عَصِيرِ الْعِنَبِ.
وَالشَّرْبَةُ مِنْهُ مِنْ دَانَقَيْنِ إلَى أَرْبَعَةٍ بِحَسَبِ الْقُوَّةِ، وَقِيلَ إنَّ الشُّبْرُمَ لَا خَيْرَ فِيهِ قَتَلَ بِهَا أَطِبَّاءُ الطُّرُقَاتِ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ، وَقَوْلُهُ «حَارٌّ حَارٌّ» وَيُرْوَى «حَارٌّ بَارٌّ» . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَكْثَرُ كَلَامِهِمْ بِالْبَاءِ قِيلَ الْحَارُّ الشَّدِيدُ الْإِسْهَالِ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ الِاتِّبَاعِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ تَأْكِيدُ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ فِي الْحَارِّ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الَّذِي يَحَرُّ مَا تُصِيبُهُ لِشِدَّةِ حَرَارَتِهِ، وَأَمَّا بَارٌّ فَلُغَةٌ فِي حَارٍّ كَصِهْرِيجٍ وَصِهْرِي وَالصَّهَارِي وَالصَّهَارِيجُ أَوْ اتِّبَاعٌ.
وَأَمَّا السَّنَا فَبِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ نَبْتٌ حِجَازِيٌّ أَفْضَلُهُ الْمَكِّيُّ مَأْمُونٌ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى يُسَهِّلُ الصَّفْرَاءَ وَالسَّوْدَاءَ وَيُقَوِّي جُرْمَ الْقَلْبِ، وَخَاصِّيَّتُهُ النَّفْعُ مِنْ الْوَسْوَاسِ السَّوْدَاوِيِّ وَمِنْ الشِّقَاقِ الْعَارِضِ فِي الْبَدَنِ وَيَفْتَحُ الْعَضَلَ وَانْتِشَارَ الشَّعْرِ، وَمِنْ الْقَمْلِ وَالصُّدَاعِ الْعَتِيقِ وَالْجَرَبِ وَالْبُثُورِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute