[فَصْلٌ فِي صِيَانَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْحِرَفِ وَالتَّكَسُّبِ وَالتَّرَخُّصِ فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّعْلِيمِ]
ِ) وَيُسَنُّ أَنْ يُصَانَ عَنْ عَمَلِ صَنْعَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ يُرَاعِي الْمَسْجِدَ بِكَنْسٍ أَوْ رَشٍّ وَنَحْوِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ انْتَهَى كَلَامُهُ قَالَ حَرْبٌ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْمَسْجِدِ نَحْوُ الْخَيَّاطِ وَغَيْرِهِ يَعْمَلُ؟ فَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ لَيْسَ بِذَاكَ الشَّدِيدِ.
وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَكْتُبُ بِالْأَجْرِ فَيَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَمَّا الْخَيَّاطُ وَأَشْبَاهُهُ فَمَا يُعْجِبُنِي إنَّمَا بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِيُذْكَرَ اللَّهُ فِيهِ وَكَرِهَ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ فِيهِ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ مَا يُعْجِبُنِي مِثْلُ الْخَيَّاطِ، وَالْإِسْكَافِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَسَهَّلَ فِي الْكِتَابَةِ فِيهِ وَقَالَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَدْوَةٍ إلَى اللَّيْلِ، فَلَيْسَ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ.
وَقَالَ الْقَاضِي سَعْدُ الدِّينِ الْحَرَّانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا خَصَّ الْكِتَابَةَ لِأَنَّهَا نَوْعُ تَحْصِيلٍ لِلْعِلْمِ فِي مَعْنَى الدِّرَاسَةِ وَهَذَا يُوجِبُ التَّقْيِيدَ بِمَا لَا يَكُونُ تَكَسُّبًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَظَاهِرُ مَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ التَّسْهِيلُ فِي الْكِتَابَةِ فِيهِ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَتَكْثِيرِ كُتُبِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ الْكِتَابَةَ فِي الْمَسْجِدِ بِالْأُجْرَةِ وَتَعْلِيمُهُمْ تَبَرُّعًا جَائِزٌ كَتَلْقِينِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَهَذَا كُلُّهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَحْصُلَ ضَرَرٌ بِحِبْرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ لَا يَجُوزُ التَّعْلِيمُ فِي الْمَسَاجِدِ.
وَقَالَ صَالِحٌ لِأَبِيهِ تَكْرَهُ الْخَيَّاطِينَ فِي الْمَسَاجِدِ قَالَ إي لَعَمْرِي شَدِيدًا، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَهَذَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَرِوَايَةُ حَرْبٍ الْكَرَاهَةُ فَهَاتَانِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي تَحْرِيمِ الصَّنَائِعِ وَكَرَاهَتِهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَسَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ تَحْرِيمُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ حَوَانِيتَ وَلَا مَقِيلًا وَلَا مَبِيتًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute