[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ لِبَاسِ الْحَرِيرِ وَالصُّوفِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ]
فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي لِبَاسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» ،، وَيَأْتِي فِي أَحَادِيثِ اللِّبَاسِ. وَالْحَرِيرُ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ مُبَاحٌ لِلنِّسَاءِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَالْحَرِيرُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ لِخُرُوجِهِ مِنْ حَيَوَانٍ.
وَمِنْ خَاصَّتِهِ تَقْوِيَةُ الْقَلْبِ، وَتَفْرِيحُهُ، يَنْفَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَمْرَاضِهِ، وَمِنْ عِلَّةِ الْمُرَّةِ السَّوْدَاءِ، وَالدَّاءِ الْحَادِثِ عَنْهَا، وَهُوَ مُقَوٍّ لِلْبَصَرِ إذَا اُكْتُحِلَ بِهِ، وَالْخَامُ مِنْهُ، وَهُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي صِنَاعَةِ الطِّبِّ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الْأُولَى، وَقِيلَ: رَطْبٌ فِيهَا، وَقِيلَ: مُعْتَدِلٌ يُرَبِّي اللَّحْمَ، وَكُلُّ لِبَاسٍ حَسَنٍ، فَإِنَّهُ يُهْزِلُ، وَيُصَلِّبُ الْبَشَرَةَ، وَبِالْعَكْسِ، وَالصُّوفُ، وَالْوَبَرُ يُسَخِّنُ الْبَدَنَ، وَيُدَفِّئُهُ فَثِيَابُهُ حَارَّةٌ يَابِسَةٌ، وَالْكَتَّانُ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ، وَالْقُطْنُ مُعْتَدِلَةٌ، وَالْحَرِيرُ أَقَلُّ حَرَارَةً مِنْهُ، فَهَذِهِ الثَّلَاثَة تُدْفِئُ، وَلَا تُسْخِنُ، وَكُلُّ لِبَاسٍ صَقِيلٍ أَمْلَسَ أَقَلُّ إسْخَانًا لِلْبَدَنِ، وَأَقَلُّ عَوْنًا فِي تَحَلُّلِ مَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ، وَأَحْرَى أَنْ يُلْبَسَ فِي الصَّيْفِ، وَفِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ.
وَالْحَكَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ حَرَارَةٍ، وَيُبْسٍ، وَخُشُونَةٍ، فَلِذَلِكَ كَانَتْ ثِيَابُ الْحَرِيرِ نَافِعَةً فِيهَا، وَهِيَ أَبْعَدُ عَنْ قَبُولِ تَوَلُّدِ الْقُمَّلِ فِيهَا إذَا كَانَ مِزَاجُهَا مُخَالِفًا لِمِزَاجِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْقُمَّلُ، وَالْمُتَّخَذُ مِنْ الْحَدِيدِ، وَالرَّصَاصِ، وَالْخَشَبِ، وَالتُّرَابِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُدْفِئُ، وَلَا يُسْخِنُ، وَاَللَّهُ أَعْلَم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute