[فَصْلٌ فِي أَفْضَلِ الْمَعَاشِ وَالتِّجَارَةِ وَأَحْسَنِ الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ]
ِ) أَفْضَلُ الْمَعَاشِ التِّجَارَةُ وَأَفْضَلُهَا فِي الْبَزِّ وَالْعِطْرِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَالْمَاشِيَةِ وَأَنْقَصُهَا فِي الصَّرْفِ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَالَ فِيهَا فِي مَوْضُوعٍ آخَرُ: أَفْضَلُ الصَّنَائِعِ الْخِيَاطَةُ وَأَدْنَاهَا الْحِيَاكَةُ وَالْحِجَامَةُ وَنَحْوُهُمَا وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةُ الصَّبْغِ وَالصِّيَاغَةِ وَالْحِدَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الصَّنَائِعِ الدَّنِيَّةِ وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا وَيُكْرَهُ كَسْبُ الْحَجَّامِ وَالْفَاصِدِ وَنَحْوُهُ وَعَسْبُ الْفَحْلِ وَالْمَاشِطَةُ وَنَحْوُهُ النَّائِحَةُ وَالْبَلَّانُ وَالْمُزَيِّنُ وَالْجَرَائِحِيُّ وَالصَّائِغُ وَالصَّبَّاغُ وَالْحَدَّادُ وَقِيلَ وَالْبَيْطَارُ وَنَحْوُهُ ذَلِكَ وَرَوَى الْخَلَّالُ أَنَّ امْرَأَةً مَاشِطَةً جَمَعَتْ مَالًا مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَتْ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَتْ أُرِيدُ أَنْ أَحُجَّ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا تَحُجِّي بِهِ، لَيْسَ هَهُنَا أَحَلّ مِنْ الْغَزْلِ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ كَسْبِ الْمَاشِطَةِ أَتَحُجُّ مِنْهُ قَالَ لَا غَيْرُهُ أَطْيَبُ مِنْهُ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت امْرَأَةً تَقُولُ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُمَشِّطُونَ فَقَالَتْ إنِّي أَصِلُ رَأْسَ الْمَرْأَةِ بِقَرَامِلَ وَأُمَشِّطُهَا أَتَرَى أَنْ أَحُجَّ مِمَّا أَكْتَسِبُ؟ فَقَالَ لَا وَكَرِهَ كَسْبَهَا لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ تَكُونُ مِنْ مَالٍ أَطْيَبَ مِنْهُ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي يَقْتَضِي أَنَّ الْفَصْدَ وَنَحْوَهُ لَا كَرَاهِيَةَ فِيهِ وَأَنَّ الْحُكْمَ يَخْتَصُّ بِالْحِجَامَةِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الصَّيْدِ اتَّفَقُوا أَنَّ مَكَاسِبَ الصُّنَّاعِ مِنْ الصِّنَاعَاتِ الْمُبَاحَةِ حَلَالٌ وَاخْتَلَفُوا فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يُكْرَهُ كَسْبُ الْحَمَّامِيُّ قَالَ وَحَمَّامِيَّةُ النِّسَاءِ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْحَمَّامِيَّ لَا يُكْرَهُ كَسْبُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute