[فَصْلٌ فُرُوعٌ فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ وَبِنَائِهِ فِي الطَّرِيقِ وَمَتَى يَجُوزُ هَدْمُهُ؟]
ُ رَحْبَةُ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَتْ مُحَوَّطَةً فَلَهَا حُكْمُهُ، وَإِلَّا فَلَا. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَنَّهُ الصَّحِيحُ، وَعَنْهُ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَعَنْهُ لَهَا حُكْمُهُ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ وَعَلَيْهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ بُنِيَ عَلَى سَابَاطٍ أَوْ قَنْطَرَةِ جِسْرٍ وَقَالَ: أَيْضًا حُكْمُ الْمَسَاجِدِ الَّتِي بُنِيَتْ فِي الطُّرُقِ أَنْ تُهْدَمَ.
وَقَالَ أَيْضًا: هَذِهِ الْمَسَاجِدُ أَعْظَمُ جُرْمًا يَخْرُجُونَ عَلَى أَثَرِهِ، وَعَنْهُ يَجُوزُ الْبِنَاءُ بِلَا إذْنِهِ وَحَيْثُ جَازَ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَتَصِحُّ فِيمَا بُنِيَ عَلَى دَرْبٍ مُشْتَرَكٍ بِإِذْنِ أَهْلِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا تَصِحُّ وَإِنْ جُدِّدَ الطَّرِيقُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْمَسْجِدِ فَوَجْهَانِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا أُحْدِثَ الطَّرِيقُ بَعْدَ مَا بُنِيَ الْمَسْجِدُ فَقَدْ يَتَوَجَّهُ كُرْهُ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَمَنْ جَعَلَ عُلْوِيَّتَهُ أَوْ أَسْفَلَهُ مَسْجِدًا صَحَّ وَانْتَفَعَ بِالْآخَرِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَالَ: فِي الْمُسْتَوْعِبِ إنْ جَعَلَ أَسْفَلَ بَيْتِهِ مَسْجِدًا لَمْ يَنْتَفِعْ بِسَطْحِهِ، وَإِنْ جَعَلَ سَطْحَهُ مَسْجِدًا انْتَفَعَ بِأَسْفَلِهِ نَصَّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ السَّطْحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَسْفَلَ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُهْدَمَ الْمَسْجِدُ وَيُبْنَى تَحْتَهُ حَوَانِيتُ تَنْفَعُهُ أَوْ سِقَايَةٌ خَاصَّةٌ أَوْ عَامَّةٌ فَإِنْ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ: يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْحَالَيْنِ أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقِيلَ يُنْظَرُ إلَى قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِهِ وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يُهْدَمَ الْمَسْجِدُ وَيُجَدَّدَ بِنَاؤُهُ لِمَصْلَحَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ تَارَةً فِي مَسْجِدٍ لَهُ حَائِطٌ قَصِيرٌ غَيْرُ حَصِينٍ، وَلَهُ مَنَارَةٌ: لَا بَأْسَ أَنْ تُهْدَمَ وَتُجْعَلَ فِي الْحَائِطِ؛ لِئَلَّا تَدْخُلَهُ الْكِلَابُ وَقَالَ: لَا يَبْنِي مَسْجِدًا إلَى جَنْبِ مَسْجِدٍ آخَرَ إلَّا لِحَاجَةٍ كَضِيقِ الْأَوَّلِ وَنَحْوِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute