للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِيمَا يَعْتَرِي الْمُتَصَوِّفَةُ عِنْدَ سَمَاعِ الْوَعْظِ وَالْغِنَاءِ]

فَصْلٌ وَالْمَرْوِيُّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعَنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عِنْدَ سَمَاعِهِ إنَّمَا هُوَ فَيْضُ الدُّمُوعِ، وَاقْشِعْرَارُ الْجُلُودِ، وَلِينُ الْقُلُوبِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} [الزمر: ٢٣] . «وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا بَلَغَ إلَى قَوْلِهِ: {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١] قَالَهَا: حَسْبُكَ فَالْتَفَتَ إلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

وَأَمَّا الصَّعْقُ وَالْغَشْيُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَحَدَثَ فِي التَّابِعِينَ لِقُوَّةِ الْوَارِدِ وَضَعْفِ الْمَوْرُودِ عَلَيْهِ وَالصَّحَابَةُ لِقُوَّتِهِمْ وَكَمَالِهِمْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِمْ، فَأَقْدَمُ مَنْ عَلِمْتُ هَذَا عَنْهُ الْإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ مِنْ أَعْيَانِ التَّابِعِينَ الْكِبَارِ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: ١٢] فَصَعِقَ وَكَانَ قَبْلَ الظُّهْرِ فَلَمْ يُفِقْ إلَى اللَّيْلِ، وَكَذَا الْإِمَامُ الْقَاضِي التَّابِعِيُّ الْمُتَوَسِّطُ زُرَارَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا بَلَغَ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: ٨] . شَهِقَ فَمَاتَ، وَكَانَ هَذَا الْحَالُ يَحْصُلُ كَثِيرًا لِلْإِمَامِ عِلْمًا وَعَمَلًا شَيْخِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَحْيَى بْنَ الْقَطَّانَ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَوْ دَفَعَ أَوْ لَوْ قَدَرَ أَحَدٌ أَنْ يَدْفَعَ هَذَا عَنْ نَفْسِهِ دَفَعَهُ يَحْيَى.

وَحَدَثَ ذَلِكَ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ فَمِنْهُمْ الصَّادِقُ فِي حَالِهِ وَمِنْهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>