الْحَقِّ، وَالثَّرْثَرَةُ كَثْرَةُ الْكَلَامِ وَتَرْدِيدُهُ.
وَالْمُتَشَدِّقُ الْمُتَوَسِّعُ فِي الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاطٍ وَاحْتِرَازٍ، وَقِيلَ الْمُسْتَهْزِئُ بِالنَّاسِ يَلْوِي شِدْقَهُ بِهِمْ وَعَلَيْهِمْ قَالَ وَالْمُتَفَيْهِقُ الَّذِي يَتَوَسَّعُ فِي الْكَلَامِ وَيَفْتَحُ فَاهُ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَهْقِ وَهُوَ الِامْتِلَاءُ الِاتِّسَاعُ يُقَالُ أَفْهَقْتُ الْإِنَاءَ فَفَهِقَ يَفْهَقُ فَهْقًا.
ثُمَّ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُتَشَدِّقِ فِي الْكَلَامِ ثَنَا ابْنُ السَّرْحِ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَعَلَّمَ صَرْفَ الْكَلَامِ لِيَسْبِيَ بِهِ قُلُوبَ الرِّجَالِ أَوْ النَّاسِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُسَيِّبِ تَفَرَّدَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَرْفُ الْحَدِيثِ مَا يَتَكَلَّفُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ الرِّيَاءِ وَالتَّصَنُّعِ وَلِمَا يُخَالِطُهُ مِنْ الْكَذِبِ وَالتَّزَيُّدِ. يُقَالُ فُلَانٌ لَا يُحْسِنُ صَرْفَ الْكَلَامِ أَيْ فَضْلُ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَهُوَ مِنْ صَرْفِ الدَّرَاهِمِ وَتَفَاضُلِهَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَالصَّرْفُ التَّوْبَةُ وَقِيلَ النَّافِلَةُ وَالْعَدْلُ الْفِدْيَةُ وَقِيلَ الْفَرِيضَةُ وَتَكَرَّرَتْ هَاتَانِ اللَّفْظَتَانِ فِي الْحَدِيثِ.
وَرَوَى أَيْضًا ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَنَّهُ قَرَأَ فِي أَصْلِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ وَحَدَّثَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ابْنَهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي ضَمْضَمٌ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو طِيبَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ يَوْمًا وَقَالَ رَجُلٌ فَأَكْثَرَ الْقَوْلَ فَقَالَ عَمْرُو لَوْ قَصَدَ فِي قَوْلِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «أُمِرْتُ أَنْ أَتَجَوَّزَ فِي الْقَوْلِ فَإِنَّ الْجَوَازَ هُوَ خَيْرٌ» مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ لَيْسَ بِذَاكَ وَضَمْضَمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَعَنْ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ يُشَقِّقُونَ الْكَلَامَ تَشْقِيقَ الشِّعْرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنْ الْمَشْرِقِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا فَقَالَ «إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا أَوْ إنَّ مِنْ بَعْضِ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مِنْهُ مَا يَصْرِفُ قُلُوبَ السَّامِعِينَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَقٍّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute