قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْكُتَّابُ فِي بَابِ الِاصْطِلَاحِ الْمُحْدَثِ الَّذِي اسْتِعْمَالُهُ خَطَأٌ وَقَالَ وَاسْتَعْمَلُوا. احْتَشَمَ بِمَعْنَى اسْتَحْيَا وَلَا نَعْرِفُ احْتَشَمَ بِمَعْنَى اسْتَحْيَا وَلَا نَعْرِفُ احْتَشَمَ إلَّا بِمَعْنَى غَضِبَ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ عَنْ أَبِي زَيْدٍ حَشَمْتُ الرَّجُلَ وَأَحْشَمْتُهُ بِمَعْنَى وَهُوَ أَنْ يَجْلِسَ إلَيْك فَتُؤْذِيَهُ وَتُغْضِبهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَشَمْتُهُ أَخْجَلْتُهُ وَأَحْشَمْتُهُ أَغْضَبْتُهُ، وَالِاسْمُ الْحَشَمُ وَهُوَ الِاسْتِحْيَاءُ وَالْغَضَبُ أَيْضًا وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْحِشْمَةُ إنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الْغَضَبِ لَا بِمَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ، وَأَحْشَمْتُهُ وَاحْتَشَمْتُ مِنْهُ بِمَعْنَى وَرَجُلٌ حَشَمٌ أَيْ: مُحْتَشِمٌ، وَحَشَمُ الرَّجُلِ خَدَمُهُ وَمَنْ يَغْضَبُ لَهُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَغْضَبُونَ لَهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْجَوْهَرِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ بسرى قَدْ جَاءَ الْحِشْمَةُ بِمَعْنَى الْحَيَاءِ قَالَ أَبُو زَيْدٍ الْإِبَةُ الْحَيَاءُ، يُقَالُ: فَاتَّأَبَ أَيْ احْتَشَمَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِكُلِّ دَاخِلٍ دَهْشَةٌ، وَلِكُلِّ طَاعِمٍ حِشْمَةٌ، فَابْدَءُوهُ بِالْيَمِينِ وَقَالَ لِلْمُنْقَبِضِ عَنْ الطَّعَامِ مَا الَّذِي حَشَمَكَ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا لِئَلَّا يَنْسِبُ بَعْضُ مَنْ يَقِفُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ إلَى مَا لَا يَنْبَغِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لَكِنْ قَدْ اُسْتُعْمِلَ ذَلِكَ فِي عُرْفٍ حَادِثٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذُكِرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ وَأَهْلِ الطَّعَامِ الْأَكْلُ بَعْد طَعَامِ الضِّيفَانِ لِحَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ الصَّحِيحِ، وَالْأَوْلَى النَّظَرُ فِي قَرَائِنِ الْحَالِ، وَمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَفِيمَا تَقَدَّمَ إشْعَارٌ بِذَلِكَ، وَحَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ لَا يُخَالِفُهُ.
وَذَكَرَ ابْن الْجَوْزِيِّ فِي آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ لَا يَسْكُتُوا عَلَى الطَّعَامِ، بَلْ يَتَكَلَّمُوا بِالْمَعْرُوفِ وَيَتَكَلَّمُونَ بِحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْإِيثَارَ لِرَفِيقِهِ وَلَا يُحْوِجُ رَفِيقَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ بَلْ يَنْبَسِطُ، وَلَا يَتَصَنَّعُ بِالِانْقِبَاضِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَا يَسْتَقْذِرُهُ مَنْ غَيْرِهِ، فَلَا يَنْفُضُ يَدَهُ فِي الْقَصْعَةِ وَلَا يُقَدِّمُ إلَيْهَا رَأْسَهُ عِنْد وَضْعِ اللُّقْمَةِ فِي فِيهِ، وَإِذَا خَرَجَ شَيْءٌ مَنْ فِيهِ لِيَرْمِيَ بِهِ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْ الطَّعَامِ وَأَخَذَهُ بِيَسَارِهِ، وَلَا يَغْمِسُ اللُّقْمَةَ الدَّسِمَةَ فِي الْخَلِّ، وَلَا الْخَلَّ فِي الدَّسَمِ فَقَدْ يَكْرَهُهُ غَيْرُهُ، وَلَا يَغْمِسُ بَقِيَّةَ اللُّقْمَةِ الَّتِي أَكَلَ مِنْهَا فِي الْمَرَقَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute