اُسْتُفْرِغَتْ مِنْ أَقْرَبِ مَكَان إلَيْهَا، وَلِهَذَا كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَحْتَجِمُ تَارَةً عَلَى كَاهِلِهِ وَقَدَمِهِ وَفِي رَأْسِهِ، فَالْقَيْءُ يُسْتَفْرَغُ مِنْ أَعْلَى الْمَعِدَةِ وَيُجْذَبُ مِنْ أَسْفَلَ وَالْإِسْهَالُ بِالْعَكْسِ.
قَالَ أَبُقْرَاطُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْرَاغُ فِي الصَّيْفِ مِنْ فَوْقُ أَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِفْرَاغِ بِالدَّوَاءِ وَفِي الشِّتَاءِ مِنْ أَسْفَلَ.
وَالْقَيْءُ يُنَقِّي الْمَعِدَةَ وَيُقَوِّيهَا وَيُحِدُّ الْبَصَرَ وَيُزِيلُ ثِقَلَ الرَّأْسِ وَيَنْفَعُ مِنْ قُرُوحِ الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ وَالْيَرَقَانِ وَالْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ كَرَعْشَةٍ وَفَالِجٍ وَجُذَامٍ وَاسْتِسْقَاءٍ، وَيَسْتَعْمِلُهُ الصَّحِيحُ فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ حِفْظِ دَوْرٍ لِيَتَدَارَكَ الثَّانِي مَا قَصُرَ عَنْهُ الْأَوَّلُ، وَيُنَقِّي فَضْلَةً انْصَبَّتْ بِسَبَبِهِ، وَيَضُرُّ الْإِكْثَارُ مِنْهُ الْمَعِدَةَ وَيَجْعَلُهَا قَلِيلَةَ الْفُضُولِ وَيَضُرُّ بِالْأَسْنَانِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَرُبَّمَا صَدَّعَ، وَيَجِبُ أَنْ يَتَنَبَّهَ مَنْ بِهِ وَرَمٌ فِي الْحَلْقِ أَوْ ضَعْفٌ فِي صَدْرٍ أَوْ دَقِيقَ الرَّقَبَةِ أَوْ مُسْتَعِدٌّ لِنَفْثِ الدَّمِ أَوْ عُسْرِ الْإِجَابَةِ. أَمَّا فِعْلُ بَعْضِ مَنْ يُسِيءُ التَّدْبِيرَ وَهُوَ أَنْ يَمْتَلِئَ طَعَامًا، ثُمَّ يَقْذِفَ بِهِ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ الْهَرَمَ وَيُوقِعُ فِي أَمْرَاضٍ رَدِيئَةٍ وَيَجْعَلُ الْقَيْءَ لَهُ عَادَةً وَالْقَيْءُ مَعَ الْيُبُوسَةِ وَضَعْفِ الْأَحْشَاءِ وَهَزْلِ الْمَرَاقِ أَوْ ضَعْفِ الْمُسْتَقِي خَطَرٌ وَأَحْمَدُ أَوْقَاتِهِ الصَّيْفُ وَالرَّبِيعُ.
وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي الْخَرِيفِ إلَى الْقَيْءِ فَإِنَّهُ يَجْلِبُ الْحُمَّى مِنْ سَاعَتِهِ، وَلْيَكُنْ الْمَيْلُ فِيهِ إلَى تَسْكِينِ الْأَخْلَاطِ مَهْمَا أَمْكَنَ. وَأَمَّا الشِّتَاءُ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ فِي التَّدْبِيرِ وَالْإِكْثَارَ مِنْ الْأَغْذِيَةِ، وَلْيَتَوَقَّ فِيهِ الْإِسْهَالَ الْمُفْرِطَ.
وَيَنْبَغِي عِنْدَ الْقَيْءِ عَصْبُ الْعَيْنَيْنِ وَقَمْطُ الْبَطْنِ وَغَسْلُ الْوَجْهِ بِمَاءٍ بَارِدٍ إذَا فَرَغَ، وَأَنْ يَشْرَبَ عَقِبَهُ شَرَابَ التُّفَّاحِ مَعَ يَسِيرٍ مِنْ مُصْطَكَى وَمَاءِ وَرْدٍ، وَذَكَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الطَّبِيبُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ مِنْ الْقَيْءِ بِعَكْسِ الْبُخَارِ إلَى الدِّمَاغِ فَلْيَكُنْ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ قَالَ: وَيَقُومُ مَقَامَهُ شَرَابُ اللَّيْمُونِ بُكْرَةَ النَّهَارِ.
(وَالرَّابِعُ) مِنْ الاستفراغات اسْتِفْرَاغُ الْأَبْخِرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute