وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا مِنْ الْحُمَّى، وَالْأَوْجَاعِ بِسْمِ اللَّهِ الْكَبِيرِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ مِنْ شَرِّ كُلِّ عِرْقٍ نَعَّارٍ وَمِنْ شَرِّ حَرِّ النَّارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ قَالَ: كَانَ يُعَلِّمُهُمْ رُقَى الْحُمَّى وَمِنْ الْأَوْجَاعِ كُلِّهَا، وَذَكَرَهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَضَعَّفَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. نَعَرَ الْعِرْقُ إذَا امْتَلَأَ مِنْ الدَّمِ حَتَّى عَلَا وَخَرَجَ نَعُورَةً وَنَعُورًا إذَا ضُرِّيَ دَمُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ أَوْ وَجَعٌ قَالَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَهَا وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلِابْنِ مَاجَهْ فِي أَوَّلِهِ كَانَ مِمَّا يَقُولُهُ لِلْمَرِيضِ بِبُزَاقِهِ بِإِصْبَعِهِ وَذَكَرَهُ. وَلِأَبِي دَاوُد كَانَ يَقُولُ لِلْإِنْسَانِ إذَا اشْتَكَى نَفَثَ بِرِيقِهِ، ثُمَّ قَالَ بِهِ فِي التُّرَابِ " تُرْبَةُ أَرْضِنَا " وَذَكَرَهُ، وَالْمُرَادُ جَمِيعُ الْأَرْضِ وَقِيلَ أَرْضُ الْمَدِينَةِ لِبَرَكَتِهَا، وَالرِّيقَةُ أَقَلُّ مِنْ الرِّيقِ.
وَهَذَا عِلَاجٌ مُرَكَّبٌ سَهْلٌ فَإِنَّ الْقُرُوحَ، وَالْجِرَاحَ يَتْبَعُهَا غَالِبًا سُوءُ مِزَاجٍ وَرُطُوبَةٌ رَدِيئَةٌ وَسَيَلَانٌ، وَالتُّرَابُ الْخَالِصُ طَبِيعَتُهُ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ فَوْقَ بَرْدِ كُلِّ دَوَاءٍ بَارِدٍ مُفْرَدٍ فَتُقَابِلُ بُرُودَتُهُ تِلْكَ الْحَرَارَةَ وَيُبْسُهُ تِلْكَ الرُّطُوبَةَ وَيَعْدِلُ مِزَاجَ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ فَتَقْوَى قُوَّتُهُ الْمُدَبِّرَةُ فَتَدْفَعُ أَلَمَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَنْضَمُّ مَعَ ذَلِكَ. هَذَا الْكَلَامُ الْمُتَضَمِّنُ لِبَرَكَةِ اسْمِ اللَّهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إلَيْهِ.
وَلِبَعْضِ التُّرَابِ خَاصِّيَّةٌ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَلِهَذَا قَالَ جَالِينُوسُ: رَأَيْتُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مَطْحُولِينَ وَمُسْتَسْقِينَ كَثِيرًا يَسْتَعْمِلُونَ طِينَ مِصْرَ وَيُطْلُونَ بِهِ عَلَى سُوقِهِمْ وَأَفْخَاذِهِمْ وَسَوَاعِدِهِمْ وَظُهُورِهِمْ وَأَضْلَاعِهِمْ فَيَنْتَفِعُونَ بِهِ مَنْفَعَةً بَيِّنَةً قَالَ: وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ فَقَدْ يَنْفَعُ هَذَا الطِّلَاءُ لِلْأَوْرَامِ الْعَفِنَةِ وَالْمُتَرَهِّلَةِ، وَالرِّخْوَة قَالَ: وَإِنِّي لَأَعْرِفُ قَوْمًا تَرَهَّلَتْ أَبْدَانُهُمْ كُلُّهَا مِنْ كَثْرَةِ اسْتِفْرَاغِ الدَّمِ مِنْ سُفْلٍ انْتَفَعُوا بِهَذَا الطِّينِ نَفْعًا بَيِّنًا، وَقَوْمًا آخَرِينَ شَفَوْا بِهِ أَوْجَاعًا مُزْمِنَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute