بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهِ مَلَكَيْنِ فَقَالَ اُنْظُرُوا مَاذَا يَقُولُ لِعُوَّادِهِ؟ فَإِذَا هُوَ إذَا جَاءَهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ رَفَعَا ذَلِكَ إلَى اللَّهِ وَهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ: إنَّ لِعَبْدِي عَلَيَّ إنْ تَوَفَّيْتُهُ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ أَنَا شَفَيْتُهُ أَنْ أُبَدِّلَهُ لَحْمًا خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ وَدَمًا خَيْرًا مِنْ دَمِهِ، وَأَنْ أُكَفِّرَ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ» وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ «الْحُمَّى كِيرُ جَهَنَّمَ مَا أَصَابَ الْمُؤْمِنَ مِنْهَا كَانَ حَظُّهُ مِنْ النَّارِ» وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ بِشَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إلَّا كُتِبَتْ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَر أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الْحُمَّى أَوْ شِدَّةُ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ»
فَيْحُ جَهَنَّمَ شِدَّة لَهَبِهَا وَانْتِشَارِهَا وَكَذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شَدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» قِيلَ هُوَ دَقِيقَةٌ وَأُنْمُوذَجٌ مِنْ جَهَنَّمَ لِيَعْتَبِرَ بِهِ الْعِبَادُ وَقَدَّرَ اللَّهُ ظُهُورَهُ بِأَسْبَابٍ تَقْتَضِيهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَلِهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ فِي مُسْلِمٍ «اشْتَكَتْ النَّارُ إلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقِيلَ الْمُرَادُ التَّشْبِيهُ فَشَبَّهَ هَذَا بِفَيْحِ جَهَنَّمَ تَنْبِيهًا عَلَى عَذَابِ جَهَنَّمَ أَجَارَنَا اللَّهُ، وَالْمُسْلِمِينَ مِنْهَا.
وَقَوْلُهُ " أَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ " الْأَفْصَحُ أَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ هَمْزَةِ وَصْلٍ مِنْ بَرُدَ الشَّيْءُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَيُقَالُ بَرَدْتُهُ أَنَا فَهُوَ مَبْرُودٌ وَبَرَّدْتُهُ تَبْرِيدًا يُقَالُ بَرَدْتُ الْحُمَّى أَبْرُدُهَا بَرْدًا كَقَتَلْتُهَا قَتْلًا أَيْ أَسْكَنْتُ حَرَارَتهَا، وَقِيلَ هُوَ رُبَاعِيٌّ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مَفْتُوحَةً وَكَسْرِ الرَّاءِ مِنْ أَبْرَدَ الشَّيْء إذَا صَيَّرَهُ بَارِدًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. ثُمَّ قِيلَ الْمُرَادُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَالْأَصَحُّ كُلُّ مَاءٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ اسْتِعْمَالُهُ. وَلِهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ تَفْعَلُهُ بِالنِّسَاءِ وَتَحْتَجُّ بِالْخَبَرِ.
وَعَنْ سَعِيدٍ الشَّامِيِّ هُوَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ ثَوْبَانَ مَرْفُوعًا «إذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ الْحُمَّى فَإِنَّ الْحُمَّى قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيُطْفِئْهَا عَنْهُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ وَلِيَسْتَقْبِلْ نَهْرًا جَارِيًا يَسْتَقْبِلُ جَرْيَةَ الْمَاءِ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ وَصَدِّقْ رَسُولَك، بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute