للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَبْد اللَّه بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ قَالَ: خَرَجْت حَاجًّا فَرَأَيْت امْرَأَةً جَمِيلَةً تَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ أَرْفَسَتْ فِيهِ يُقَالُ أَرْفَسَ فِي كَلَامِهِ زَوَّرَهُ وَزَخْرَفَهُ قَالَ: فَأَدْنَيْت نَاقَتِي مِنْهَا وَقُلْت يَا أَمَةَ اللَّهِ أَلَسْتِ حَاجَّةً أَمَا تَخَافِينَ اللَّهَ؟ فَسَفَرَتْ عَنْ وَجْهٍ بَهَرَ الشَّمْسَ حُسْنًا، فَقَالَتْ تَأَمَّلْ يَا عُمَرِيُّ فَإِنِّي مِمَّنْ عَنَاهُ الْعَرْجِيُّ بِقَوْلِهِ:

أَمَاطَتْ كِسَاءَ الْحَجِّ عَنْ حُرِّ وَجْهِهَا ... وَأَبْدَتْ عَلَى الْخَدَّيْنِ وَرْدًا مُهَلَّلَا

مِنْ اللَّاءِ لَمْ يَحْجُجْنَ يَبْغِينَ جَنَّةً ... وَلَكِنْ لِيَقْتُلْنَ الْبَرِيءَ الْمُغَفَّلَا

وَتَرْمِي بِعَيْنَيْهَا الْقُلُوبَ وَلَحْظُهَا ... إذَا مَا رَمَتْ لَمْ تُخْطِ مِنْهُنَّ مَقْتَلَا

قَالَ: فَقُلْت: فَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا يُعَذِّبَ هَذَا الْوَجْهَ بِالنَّارِ قَالَ وَبَلَغَ ذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَقَالَ أَغْرُبِي قَبَّحَكِ اللَّهُ، وَلَكِنَّهُ أَظْرَفُ عُبَّادِ أَهْل الْحِجَاز قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ:

وَجْهٌ يَدُلُّ النَّاظِرِينَ ... عَلَيْهِ فِي اللَّيْلِ الْبَهِيمِ

فَكَأَنَّهُ رُوحُ الْحَيَاةِ ... تَهُبُّ مِسْكَ نَسِيمِ

فِي خَدِّهِ وَرْدُ الْحَيَاءِ ... يُعَلُّ بِالْمَاءِ النَّعِيمِ

سَقَمُ الصَّحِيحِ الْمُسْتَقِلِّ ... وَصِحَّةُ الرَّجُلِ السَّقِيمِ

نَظَرَ رَجُلَانِ إلَى جَارِيَةٍ حَسْنَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِ مَكَّةَ فَمَالَا إلَيْهَا وَاسْتَسْقَيَاهَا فَسَقَتْهُمَا فَجَعَلَا يَشْرَبَانِهِ وَلَا يُسِيغَانِهِ فَعَرَفَتْ مَا بِهِمَا فَجَعَلَتْ تَقُول:

هُمَا اسْتَسْقَيَا مَاءً عَلَى غَيْرِ ظِمْأَةٍ ... لِيَسْتَمْتِعَا بِاللَّحْظِ مِمَّنْ سَقَاهُمَا

فَعَجِبَا مِنْ ذَلِكَ فَدَفَعَا الْإِنَاءَ إلَيْهَا فَمَرَّتْ وَهِيَ تَقُولُ:

وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْت طَرْفَك رَائِدًا ... لِقَلْبِك يَوْمًا أَتْعَبَتْك الْمَنَاظِرُ

رَأَيْت الَّذِي لَا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ ... عَلَيْهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>