للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاقْتَصَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ أَنَّ نَوْمَ النَّهَارِ رَدِيءٌ يُورِثُ الْأَمْرَاضَ الرُّطُوبِيَّةَ، وَالنَّوَازِلَ وَيُفْسِدُ اللَّوْنَ وَيُورِثُ الطِّحَالَ وَيُرْخِي الْعَصَبَ وَيُكْسِلُ وَيُضْعِفُ الشَّهْوَةَ إلَّا فِي الصَّيْفِ وَقْتَ الْهَاجِرَةِ وَأَرْدَؤُهُ النَّوْمَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَأَرْدَأُ مِنْهُ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَنَوْمُ الصُّبْحَةِ مُضِرٌّ جِدًّا بِالْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ يُرْخِيهِ وَيُفْسِدُ الْعَضَلَاتِ الَّتِي يَنْبَغِي تَحْلِيلُهَا بِالرِّيَاضَةِ فَتُحْدِثُ تَكَسُّرًا وَعَنَاءً أَوْ ضَعْفًا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبِرَازِ، وَالرِّيَاضَةِ وَإِشْغَالِ الْمَعِدَةِ بِشَيْءِ فَهُوَ الدَّاءُ الْعُضَالُ الْمُوَلِّدُ لِأَنْوَاعٍ مِنْ الْأَدْوَاءِ وَرُوِيَ أَنَّ الْمَسِيحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ خُلُقَانِ أَكْرَهُهُمَا: النَّوْمُ مِنْ غَيْرِ سَهَرٍ، وَالضَّحِكِ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ.

وَالثَّالِثَةُ وَهِيَ الْعُظْمَى إعْجَابُ الرَّجُلِ بِعَمَلِهِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ دَاوُد لِابْنِهِ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -: إيَّاكَ وَكَثْرَةَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ يُفْقِرُك إذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَى أَعْمَالِهِمْ وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ إيَّاكَ وَكَثْرَةَ النَّوْمِ، وَالْكَسَلَ، وَالضَّجَرَ فَإِنَّك إذَا كَسِلْت لَمْ تُؤَدِّ حَقًّا، وَإِذَا ضَجِرْت لَمْ تَصْبِرْ عَلَى حَقٍّ وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الْجَهْلِ النَّوْمُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالضَّحِكُ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ، وَالْقَائِلَةُ تَزِيدُ فِي الْعَقْلِ

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: النَّوْمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ نَوْمُ خُرْقٍ، وَنَوْمُ خَلْقٍ، وَنَوْمُ حُمْقٍ. فَأَمَّا النَّوْمُ الْخُرْقُ فَنَوْمَةُ الضُّحَى يَقْضِي النَّاسُ حَوَائِجَهُمْ وَهُوَ نَائِمٌ، وَأَمَّا النَّوْمُ الْخَلْقُ فَنَوْمُ الْقَائِلَةِ نِصْفَ النَّهَارِ، وَأَمَّا نَوْمُ الْحُمْقِ فَنَوْمٌ حِينَ تَحْضُرُ الصَّلَاةُ

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ نَوْمُ نِصْفَ النَّهَارِ يَعْدِلُ شَرْبَةَ دَوَاءٍ يَعْنِي فِي الصَّيْفِ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ النُّعَاسُ يُذْهِبُ الْعَقْلَ، وَالنَّوْمُ يَزِيدُ فِيهِ.

قَالُوا تَنَامُ فَقُلْت الشَّوْقُ يَمْنَعُنِي ... مِنْ أَنْ أَنَامَ وَعَيْنِي حَشْوُهَا السَّهَدُ

أَبْكِي الَّذِينَ أَذَاقُونِي مَوَدَّتَهُمْ ... حَتَّى إذَا أَيْقَظُونِي لِلْهَوَى رَقَدُوا

هُمُو دَعَوْنِي فَلَمَّا قُمْت مُقْتَضِيًا ... لِلْحُبِّ نَحْوَهُمْ مِنْ قُرْبِهِمْ بَعُدُوا

لَأَخْرُجَنَّ مِنْ الدُّنْيَا وَحُبُّهُمْ ... بَيْنَ الْجَوَانِحِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>