للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْجَوَازِ لِذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ كَأَنَّهُ مَدْعُوٌّ لِهَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ وَاضِحٌ كَمَا تَرَى وَلَمْ أَجِدْ مَنْ ذَكَرَهُ.

فَإِنْ قِيلَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الدَّاعِيَ يَأْذَنُ فِي ذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ يَأْذَنُ لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ لَا لِمَعْنًى خَاصٍّ وَلِهَذَا اسْتَأْذَنَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي غَيْرِ خَادِمِهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ فِي خَادِمِهِ قَطُّ مَعَ أَنَّهُ خَدَمَهُ مُدَّةَ إقَامَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْمَدِينَةِ لَا زَمَنًا يَسِيرًا وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَمْتَنِعُ مِنْ دَعْوَةٍ بِلَا عُذْرٍ وَخَادِمُهُ مُلَازِمُهُ غَالِبًا أَوْ كَثِيرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ فَقَالَ لِغُلَامِهِ: وَيْحَك اصْنَعْ لَنَا طَعَامًا لِخَمْسَةِ نَفَرٍ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَامِسَ خَمْسَةٍ فَاتَّبَعَهُمْ رَجُلٌ لَمْ يُدْعَ فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ هَذَا اتَّبَعَنَا فَإِنْ شِئْت أَنْ تَأْذَنَ لَهُ وَإِنْ شِئْت رَجَعَ قَالَ بَلْ آذَنُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي مُسْلِمٍ لَمْ يُدْعَ، فِيهِ أَنَّ مَنْ دُعِيَ فَتَبِعَهُ رَجُلٌ لَا يَنْهَاهُ وَلَا يَأْذَنُ لَهُ وَيَلْزَمُهُ إعْلَامُ صَاحِبِ الطَّعَامِ وَيُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حُضُورِهِ مَفْسَدَةٌ.

وَعَنْ أَنَسٍ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) «أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ صَنَعَ لَهُ طَعَامًا، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ فَقَالَ: وَهَذِهِ لِعَائِشَةَ فَقَالَ: لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَهَذِهِ قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذِهِ قَالَ نَعَمْ فِي الثَّالِثَةَ، فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ كَرِهَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَخْتَصَّ عَنْ عَائِشَةَ بِالطَّعَامِ فِي هَذِهِ الْحَالِ لِحَاجَتِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الْحَالِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حُضُورُهَا مَعَهُ فِي ذَلِكَ مُعْتَادًا وَقَوْلُهُ يَتَدَافَعَانِ أَيْ يَمْشِي كُلُّ وَاحِدٍ فِي أَثَرِ الْآخَرِ.

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ ذَهَابِهِ هُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي حَالِ الضَّرُورَةِ، وَالْفَاقَةِ إلَى حَدِيقَةِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التِّيهَانِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اسْتِتْبَاعِ الْإِنْسَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>