وَقَدْ قَالَ أَبُو حَازِمٍ الْأَعْرَجُ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كُلُّ نِعْمَةٍ لَمْ يُشْكَرْ اللَّهُ عَلَيْهَا فَهِيَ بَلِيَّةٌ وَقَالَ أَيْضًا: إذَا رَأَيْت اللَّهَ يُتَابِعُ نِعَمَهُ عَلَيْكِ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاج فَاحْذَرْهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٨٢] وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: ٤٤] .
وَقَدْ سَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا قَرِيبًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ} [سبأ: ١٥] وَقَالَ تَعَالَى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} [سبأ: ١٣] .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْمَعْنَى وَقُلْنَا: اعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ شُكْرًا عَلَى مَا آتَاكُمْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ بَعْضُهُمْ الطَّاعَاتُ كُلُّهَا شُكْرٌ وَأَفْضَلُ الشُّكْرِ الْحَمْدُ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ بَهْجَةُ الْمَجَالِسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَعَلِمَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ شُكْرَهَا وَمَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ عَبْدٍ نَدَامَةً عَلَى ذَنْبٍ إلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَلْبَسُ الثَّوْبَ فَيَحْمَدُ اللَّهِ فَمَا يَبْلُغُ رُكْبَتَيْهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ» وَمَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ اُشْكُرْ لِمَنْ أَنْعَمَ عَلَيْك وَأَنْعِمْ عَلَى مَنْ شَكَرَكَ فَإِنَّهُ لَا زَوَالَ لِلنِّعَمِ إذَا شُكِرَتْ، وَلَا مُقَامَ لَهَا إذَا كُفِرَتْ وَالشُّكْرُ زِيَادَةٌ فِي النِّعَمِ وَأَمَانٌ مِنْ الْغِيَر قَالَ أَبُو بُجَيْلَةَ:
شَكَرْتُك إنَّ الشُّكْرَ حَبْلٌ مِنْ التُّقَى ... وَمَا كُلُّ مَنْ أَوَلَيْتَهُ نِعْمَةً يَقْضِي
وَأَحْيَيْت مِنْ ذِكْرِي وَمَا كُنْت خَامِلًا ... وَلَكِنَّ بَعْضَ الذِّكْرِ أَنْبَهُ مِنْ بَعْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute