وَعَادَةُ أَكْثَرِ النَّاسِ أَوْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ بَقَاؤُهَا وَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ، لِهَذَا لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي إنَاءٍ لَمْ يُغَطَّ مَعَ احْتِمَالِ التَّضَرُّرِ بِالْوَاقِعِ فِيهِ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ وَقِلَّتِهِ وَلِهَذَا لَا يَحْرُمُ سُلُوكُ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ مَعَ احْتِمَالِ التَّضَرُّرِ وَلَا يُعَدُّ مُفْرِطًا.
وَفِي مُسْلِمِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَسْقَى فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَسْقِيكَ نَبِيذًا فَقَالَ بَلَى فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَسْعَى فَجَاءَ بِقَدَحِ نَبِيذٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ عُودًا قَالَ فَشَرِبَ» وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يُكْرَهُ الْوُضُوءُ مِنْهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرَ نُزُولِ الْوَبَاءِ فِيهِ قَالَ: فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَنْزِلُ الْوَبَاءُ وَلَا نَعْلَمُ هَلْ يَخْتَصُّ الشُّرْبُ أَوْ يَعُمُّ الِاسْتِعْمَالُ وَالشُّرْبُ فَكَانَ تَجَنُّبُهُ أَوْلَى فَهَذَا مِنْ ابْنِ عَقِيلٍ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ شُرْبِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ مَنْ أَوْقَدَ نَارًا يَصْطَلِي أَوْ يَطْبُخُ أَوْ تَرَكَ سِرَاجًا وَنَامَ فَوَقَعَ حَرِيقٌ أَتْلَفَ نَاسًا وَأَمْوَالًا لَمْ يَضْمَنْ وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «النَّارُ جُبَارٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَزَادَ «الْبِئْرُ جُبَارٌ» .
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فَوَجَبَ أَنَّ كُلَّ مَا تَلِفَ بِالنَّارِ هَذِهِ إلَّا نَارٌ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى تَضْمِينِ طَارِحِهَا، فَإِنْ تَعَمَّدَ طَرْحَهَا لِلْإِتْلَافِ فَتَعَمُّدٌ، وَإِلَّا فَلَا فَقَاتِلٌ خَطَأً، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ إذَا اقْتَنَى طَيْرًا فَأَرْسَلَهُ نَهَارًا فَلَقَطَ حَبًّا لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ إرْسَالُهُ وَيَأْتِي ذَلِكَ بَعْدَ نَحْوِ كَرَاسِينَ فِي اقْتِنَاءِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الضَّمَانُ هُنَا فَقَالَ مَنْ أَطْلَقَ كَلْبًا عَقُورًا أَوْ دَابَّةً رَفُوسًا أَوْ عَضُوضًا فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute