للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ فُصُولِ الطِّبِّ.

وَقَالَ مُهَنَّا قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَنَامُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمُحَجَّرٍ قَالَ مَكْرُوهٌ، وَيُجْزِئُهُ الذِّرَاعُ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ وَعْلَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَثَّابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا «مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ بِهِ حِجَارٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» وَعْلَةُ تَفَرَّدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ جَابِرِ الْحَنَفِيِّ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْحِجَارُ جَمْعُ حُجْرٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْحَائِطُ أَوْ مِنْ الْحُجْرَةِ وَهِيَ حَظِيرَةُ الْإِبِلِ وَحُجْرَةُ الدَّارِ أَيْ: أَنَّهُ يَحْجُرُ الْإِنْسَانَ النَّائِمَ وَيَمْنَعُهُ عَنْ الْوُقُوعِ، وَيُرْوَى حِجَابٌ بِالْبَاءِ وَهُوَ كُلُّ مَانِعٍ مِنْ السُّقُوطِ وَرَوَاهُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ حِجَا وَقَالَ وَيُرْوَى بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا وَمَعْنَاهُ فِيهِمَا مَعْنَى السِّتْرِ فَمَنْ قَالَ بِالْكَسْرِ شَبَّهَ السِّتْرَ عَلَى السَّطْحِ الْمَانِعِ مِنْ السُّقُوطِ بِالْعَقْلِ الْمَانِعِ مِنْ التَّعَرُّضِ فِي الْهَلَاكِ. وَمَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ فَقَدْ ذَهَبَ إلَى النَّاحِيَةِ وَالطَّرَفِ وَأَحْجَاءُ الشَّيْءِ نَوَاحِيهِ وَاحِدُهَا حَجَا.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ إنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ اللَّهِ عَهْدًا بِالْحِفْظِ وَالْكَلَاءَةِ فَإِذَا أَلْقَى بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ أَوْ فَعَلَ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ أَوْ خِلَافَ مَا أَمَرَ بِهِ خَذَلَتْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ.

وَسَبَقَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَرِهَ النَّوْمَ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمُحَجَّرٍ وَلِلْأَصْحَابِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - خِلَافٌ فِي كَرَاهَتِهِ الْمُطْلَقَةِ هَلْ هِيَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا السَّلَامَةُ وَمَا غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ لَا يَحْرُمُ فِعْلُهُ وَكَوْنُ النَّهْي عَنْهُ لِلْأَدَبِ وَاحْتِمَالِ الْأَذَى، وَيَتَوَجَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَعَادَاتِهِمْ، وَصِغَرِ الْأَسْطِحَةِ، وَوُسْعِهَا نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَعَمَلًا بِهِ، وَقَدْ يُحْتَجُّ لِلتَّحْرِيمِ فِي الْجُمْلَةِ بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِ ثِقَاتٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَزَوْنَا نَحْوَ فَارِسٍ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَاتَ فَوْقَ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ إجَّارٌ فَوَقَعَ فَمَاتَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَمَاتَ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>