للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقَدَّمَ فَيَكُونُ أَمَامَهُ. أَخْبَرنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَبِي: مَا كَانَ أَعْقَلَ بِشْرَ بْنِ الْمُفَضَّلِ؟ كَانَ بِشْرٌ أَسَنَّ مِنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ وَكَانَ بِشْرُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ مُعَاذٌ، إكْرَامًا مِنْهُ لِمُعَاذٍ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا أَذِنَ لَهُ وَمَعَهُ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ قَدَّمَ الْأَكْبَرَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَمَرَنِي. جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ أُكْبِرَ» وَقَالَ: «قَدِّمُوا الْكَبِيرَ» .

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ: كُنْت أَمْشِي مَعَ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ فَصِرْنَا إلَى مَضِيقٍ فَتَقَدَّمَنِي ثُمَّ قَالَ: لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْبَرُ مِنِّي بِيَوْمٍ مَا تَقَدَّمْتُكَ

وَرَأَى إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الشَّبَابَ قَدْ تَقَدَّمُوا عَلَى الْمَشَايِخِ فَقَالَ مَا أَسْوَأ أَدَبَكُمْ لَا أُحَدِّثُكُمْ سَنَةً. فَإِنْ كَانَ الْأَصْغَرُ أَعْلَمَ فَتَقْدِيمُهُ أَوْلَى.

ثُمَّ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: كُنْت مَعَ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ يَوْمًا نَعُودُ مَرِيضًا فَلَمَّا حَاذَيْنَا الْبَابَ تَأَخَّرَ إِسْحَاقُ وَقَالَ لِيَحْيَى تَقَدَّمْ أَنْتَ قَالَ يَا أَبَا زَكَرِيَّا أَنْتَ أَكْبَرُ مِنِّي قَالَ نَعَمْ أَنَا أَكْبَرُ مِنْك، وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَتَقَدَّمَ إِسْحَاقُ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ.

وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ لَهُ التَّقْدِيمُ يَتَقَدَّمُ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ وَإِنَّ ذَلِكَ يَحْسُنُ مِنْهُ، وَإِنَّ الْأَعْلَمَ يُقَدَّمُ مُطْلَقًا وَلَا اعْتِبَارَ مَعَهُ إلَى سِنٍّ وَلَا صَلَاحٍ وَلَا شَيْءٍ، وَإِنَّ الْأَسَنَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَدْيَنِ وَالْأَوْرَعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ فِي الْوَلِيَّيْنِ فِي النِّكَاحِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ، وَقَطَعَ فِي الرِّعَايَةِ فِي النِّكَاحِ بِتَقْدِيمِ الْأَدْيَنِ وَالْأَوْرَعِ عَلَى الْأَسَنِّ، وَهَذَا مِثْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْعِلْمِ وَالسِّنِّ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ مَنْ لَهُ مَزِيَّةٌ بِدِينٍ أَوْ وَرَعٍ أَوْ نَسَبٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي تَقْدِيمِ الْأَدْيَنِ ثُمَّ الْأَعْلَمِ الطَّرِيقَةُ الْحَسَنَةُ وَالسِّيرَةُ الْجَمِيلَةُ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ يُقَدَّمُ بَعْدَ الْأَعْلَمِ مَنْ يُقَدَّمُ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْهِ.

وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنْ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا وَتَعَلَّمُوا مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>