هَكَذَا غَيْرُهُمَا وَأَصْلُهُ فِيمَا يُقَالُ: التَّطَيُّرُ بِالسَّوَانِحِ وَالْبَوَارِحِ وَكَانَ ذَلِكَ يَصُدُّهُمْ عَنْ مَقَاصِدِهِمْ فَنَفَاهُ الشَّرْعُ وَأَبْطَلَهُ وَنَهَى عَنْهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي جَلْبِ نَفْعٍ وَلَا دَفْعِ ضَرَرٍ.
وَفِي الْمُسْنَدِ، وَالصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا «الشُّؤْمُ فِي الْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالدَّابَّةِ» زَادَ مُسْلِمٌ «، وَالْخَادِمِ» وَرَوَوْا أَيْضًا «إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ» فَيَكُونُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ مِنْ النَّهْي عَنْ الطِّيَرَةِ وَرَوَوْا أَيْضًا «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَإِنَّمَا الشُّؤْمُ» . وَذَكَرُوهُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا «لَا شُؤْمَ وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ فِي الدَّارِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالْفَرَسِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَفِيهِمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حَكِيمٍ تَفَرَّدَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَإِنْ يَكُ فَفِي الْمَرْأَةِ، وَالْفَرَسِ، وَالدَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِيهِ «إنْ تَكُنْ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ» فَذَكَرَهُ وَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْخَبَرَ الْمَرْوِيَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ثَلَاثَةٌ مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ» .
وَرَوَى أَحْمَدُ ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَرْضًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا فَإِنْ كَانَ حَسَنًا رُئِيَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَكَانَ إذَا بَعَثَ رَجُلًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ فَإِنْ كَانَ حَسَنَ الِاسْمِ رُئِيَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ وَفِيهِ فَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً وَذَكَرَ مَعْنَاهُ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ مُثَنَّى عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا تُدِيمُوا إلَى الْمَجْذُومِينَ النَّظَرَ» زَادَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ «وَإِذَا كَلَّمْتُمُوهُمْ فَلْيَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ قَدْرُ رُمْحٍ» .
وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الطِّيَرَةَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَالْأَوْلَى الْقَطْعُ بِتَحْرِيمِهَا، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ حَدِيثَ «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute