للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَقْدَمُ مَعَ الْوَفْدِ خَوْفًا عَلَى النَّاسِ أَنْ يَظُنُّوا إنْ أَصَابَهُمْ أَمْرٌ أَنَّهُ تَعَدَّى مِنْهُ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمهُ التَّنَحِّي وَتَوَجَّهَ أَنَّهُمْ إذَا كَثُرُوا لَزِمَهُ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَقَدْ سَبَقَ فِي التَّدَاوِي فِي الْعَائِنِ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي الْمُعْتَمَدِ فِي إبْطَالِ الْقَوْلِ بِالْعَدْوَى وَالطِّيَرَةِ فِي الْأَمْرَاضِ وَأَصْحَابِ الْعَاهَاتِ رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَ رِوَايَةَ إِسْحَاقَ بْنِ بُهْلُولٍ الْمَذْكُورَةَ وَقَالَ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إبْطَالِ الْقَوْلِ بِالْعَدْوَى وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الطِّيَرَةُ كَذَلِكَ؛ إذْ لَا فَرْقَ اخْتَارَهَا الْقَاضِي، وَالثَّانِيَةُ إثْبَاتُ الطِّيَرَةِ.

قَالَ أَبُو النَّضْرِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَسْكَرِيُّ كَتَبْت إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ دَارٍ أَرَدْت شِرَاءَهَا فَقَالَ النَّاسُ إنَّهَا مَشْئُومَةٌ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مِنْ قَوْلِهِمْ فَكَتَبَ إلَيَّ: اعْلَمْ أَنِّي نَظَرْتُ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ الْفَرَسِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ» هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فِي الطِّيَرَةِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْعَدْوَى كَذَلِكَ لِأَنَّهَا أَبْلَغُ مِنْ الطِّيَرَةِ، ثُمَّ احْتَجَّ لِلْأَوَّلِ بِحَدِيثِ «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟» وَهُوَ فِي الْمَسْنَدِ، وَالصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «وَمَنْ أَرْجَعَتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ» وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا فِعْلٌ فَثَبَتَ أَنَّهُ فِعْلُ اللَّهِ إنْ شَاءَ فَعَلَهُ مَعَ مُلَابَسَةِ ذِي الدَّاءِ، وَالْعَاهَةِ وَإِنْ شَاءَ فَعَلَهُ مُنْفَرِدًا عَنْهُ وَاحْتُجَّ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ» وَحَدِيثِ الطَّاعُونِ وَبِقَوْلِهِ «الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ» .

وَبِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَزَلْنَا دَارًا كَثُرَ فِيهَا عَدَدُنَا وَكَثُرَتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا، ثُمَّ تَحَوَّلْنَا عَنْهَا إلَى أُخْرَى فَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا وَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَرُوهَا ذَمِيمَةً» انْتَهَى كَلَامُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>