للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ سِوَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَالْقَوْلُ بِهَذَا أَوْلَى مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ فِي أَحْكَامِهِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ.

وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّفَلَ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ قَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ إلَّا النِّسَاءَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ أَفْضَلُ، وَالْأَخْبَارُ مَشْهُورَةٌ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ: ثَنَا هَارُونُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ثَنَا دَاوُد بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهَا «جَاءَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ قَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي قَالَ: فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى بَيْتٍ مِنْ بَيْتِهَا، وَاَللَّهِ كَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَيْدٍ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَقَالَ: رَوَى عَنْهُ دَاوُد بْنُ قَيْسٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَفِيهِ جَهَالَةٌ لَكِنْ الْمُتَقَدِّمُونَ حَالُهُمْ حَسَنٌ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَذِهِ الْمُضَاعَفَةُ تَخْتَصُّ بِالْمَسْجِدِ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا كَانَ فِي زَمَانِهِ لَا مَا زِيدَ فِيهِ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي مَسْجِدِي هَذَا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَنَّ حُكْمَ الزَّائِدِ حُكْمُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَأَنْ أُصَلِّيَ عَلَى رَمْلَةٍ حَمْرَاءَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لَوْ سِرْتُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إلَّا فَرْسَخٌ أَوْ فَرْسَخَانِ مَا أَتَيْتُهُ أَوْ مَا أُحِبُّ أَنْ آتِيَهُ رَوَاهُمَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَالْإِسْنَادُ صَحِيحٌ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمَا الْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>