لَيْتَ السِّبَاعَ لَنَا كَانَتْ مُجَاوِرَةً ... وَلَيْتَنَا لَا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدَا
إنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَا فِي مَرَابِضِهَا ... وَالنَّاسُ لَيْسَ بِهَادٍ شَرُّهُمْ أَبَدَا
فَاهْرَبْ بِنَفْسِكَ وَاسْتَأْنِسْ بِوَحْدَتِهَا ... تَعِشْ سَلِيمًا إذَا مَا كُنْتَ مُنْفَرِدَا
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
يَا رَبِّ إنَّ النَّاسَ لَا يُنْصِفُونَنِي ... وَإِنْ أَنَا لَمْ أُنْصِفْهُمْ ظَلَمُونِي
وَإِنْ كَانَ لِي شَيْءٌ تَصَدَّوْا لِأَخْذِهِ ... وَإِنْ جِئْتُ أَبْغِي شَيْئَهُمْ مَنَعُونِي
وَإِنْ نَالَهُمْ بَذْلِي فَلَا شُكْرَ عِنْدَهُمْ ... وَإِنْ أَنَا لَمْ أَبْذُلْ لَهُمْ شَتَمُونِي
وَإِنْ طَرَقَتْنِي نَكْبَةٌ فَكِهُوا بِهَا ... وَإِنْ صَحِبَتْنِي نِعْمَةٌ حَسَدُونِي
سَأَمْنَعُ قَلْبِي أَنْ يَحِنَّ إلَيْهِمْ ... وَأَحْجُبُ عَنْهُمْ نَاظِرِي وَجُفُونِي
وَقَالَ آخَرُ:
قَدْ كُنْتُ عَبْدًا وَالْهَوَى مَالِكِي ... فَصِرْتُ حُرًّا وَالْهَوَى خَادِمِي
وَصِرْتُ بِالْوَحْدَةِ مُسْتَأْنِسًا ... مِنْ شَرِّ أَوْلَادِ بَنِي آدَمَ
مَا فِي اخْتِلَاطِي بِهِمْ خَيْرٌ وَلَا ... ذُو الْجَهْلِ بِالْأَشْيَاءِ كَالْعَالِمِ
يَا عَاذِلِي فِي تَرْكِهِمْ جَاهِلًا ... عُذْرِي مَنْقُوشًا عَلَى خَاتَمِي
وَكَانَ عَلَى خَاتِمِهِ مَنْقُوشٌ {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} [الأعراف: ١٠٢] وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَأَنْشَدَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُدِيُّ رَاوِي الْبُخَارِيِّ يَتَوَشَّحُ لِنَفْسِهِ:
كَانَ فِي الِاجْتِمَاعِ لِلنَّاسِ نُورٌ ... فَمَضَى النُّورُ وَادْلَهَمَّ الظَّلَامُ
فَسَدَ النَّاسُ وَالزَّمَانُ جَمِيعًا ... فَعَلَى النَّاسِ وَالزَّمَانِ السَّلَامُ
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْله تَعَالَى: