فِي اسْتِعْمَالُ الشَّارِعِ، وَالتَّعْلِيلُ بِالسَّرَفِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ، وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ تَعْلِيلٌ بِالْحِكْمَةِ وَفِي جَوَازِهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ عَلَى أَنَّهُ مُنْكَسِرٌ بِلُبْسِ الدَّوَابِّ وَالْحَرِيرِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ فِي اللُّبْسِ وَالِافْتِرَاشِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، فَأَمَّا الْإِبْرَيْسَمُ فَاسْتِعْمَالُهُ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ أَحْرَارًا كَانُوا أَوْ عَبِيدًا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ لُبْسُهُ وَافْتِرَاشُهُ وَالِاسْتِنَادُ إلَيْهِ وَالتَّقْلِيدُ بِشَرَارِيبِهِ وَجَعْلُهُ تِكَكًا فِي السَّرَاوِيلَاتِ وَتَعْلِيقُهُ سُتُورًا وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ فَتَمَسَّكَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي اخْتِصَاصِ التَّحْرِيمِ بِاللِّبَاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ» قَالَ: وَلَمْ يَقِسْ عَلَيْهِ التَّوَسُّدَ وَالنَّوْمَ عَلَيْهِ وَالِادِّثَارَ بِهِ وَالسُّتُورَ الْمُعَلَّقَةَ؛ لِأَنَّهَا دُونَهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ عَلَى التَّحْرِيمِ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ، وَقَالَ: فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ قَدْ دَلَّتْ بِعُمُومِهَا وَخُصُوصِهَا عَلَى التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ اسْتِعْمَالًا مَخْصُوصًا فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ، وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ؛ لِأَنَّهَا أَنْفَسُ مَالٍ لِأَهْلِ الدُّنْيَا فَلُبْسُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا يُكْسِبُ الْعُجْبَ وَالْفَخْرَ وَالْخُيَلَاءَ، وَفِيهِ كَسْرُ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَالتَّشَبُّهُ بِالْأَعَاجِمِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، إلَى أَنْ قَالَ: وَسَوَاءٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ بَيْنَ اللُّبْسِ وَالسُّتُورِ الْمُعَلَّقَةِ وَالتِّكَكِ فِي السَّرَاوِيلَاتِ والكمراناب وَمَيَاثِرِ السُّرُوجِ وَالشَّرَارِيبِ فِي الشَّعْرِ لِعُمُومِ التَّحْرِيمِ؛ وَلِأَنَّهُ نَوْعُ اسْتِعْمَالٍ وَاسْتِخْدَامٍ فَيَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَارِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الِافْتِرَاشَ وَنَحْوَهُ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُكْرَهُ انْتَهَى كَلَامُهُ وَإِبَاحَةُ الِافْتِرَاشِ وَنَحْوِهِ مِنْ مُفْرَدَاتِ أَبِي حَنِيفَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute