فَصْلٌ فَإِنْ جَلَسَ عَلَى شَيْءٍ طَرَفُهُ أَوْ وَسَطُهُ حَرِيرٌ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَخْتَصُّ بِجِنْسِ اللُّبْسِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَحْرُمَ اعْتِبَارًا بِمَا إذَا صَلَّى عَلَى مَكَان طَاهِرٍ مِنْ بِسَاطِ طَرَفُهُ نَجِسٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَامِلٍ لِلنَّجَاسَةِ وَلَا مُصَلٍّ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا اتَّصَلَتْ بِمُصَلَّاهُ كَذَا هَهُنَا. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَى بَعْضِهِ اسْتِعْمَالٌ مِثْلُهُ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ، بَلْ اسْتِعْمَالُ مِثْلِهِ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْعَيْنِ هُوَ التَّصَرُّفُ فِيهَا حَسَبَ مَا أُعِدَّتْ لَهُ وَهَذِهِ الْعَيْنُ لَا يُجْلَسُ عَلَى الْحَرِيرِ مِنْهَا فَلَا يَكُونُ، مُسْتَعْمِلًا لَهُ، بَلْ وَلَمْ تُعَدَّ جَمِيعُهَا لِلْجُلُوسِ بَلْ بَعْضُهَا مُعَدٌّ لِلْجُلُوسِ وَبَعْضُهَا لِلزِّينَةِ فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا حُكْمُ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ انْفَصَلَا وَمُجَرَّدُ الِاتِّصَالِ لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِتَسَاوِي حُكْمَيْهِمَا لَكِنْ يَجِيءُ فِي تَحْرِيمِ اتِّخَاذِهِ مَا سَبَقَ وَيُفَارِقُ الْإِنَاءَ إذَا كَانَ بَعْضُهُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً حَيْثُ تَقُولُ: يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا أَغْلَظُ وَأَشَدُّ فَلَا يَلْزَمُ مِثْلُهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ وَأَخَفُّ عَلَى مَا لَا يَخْفَى فِيهَا، وَتَحْتَمِلُ أَنْ يَحْرُمَ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَ مَا لَمْ يَحْرُمْ اسْتِعْمَالُهُ بِمَا حُرِّمَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ اسْتِعْمَالِهِ لِكَوْنِهِ اسْتِعْمَالًا مِثْلَهُ.
وَدَلِيلُهُ مَسْأَلَةُ الْإِنَاءِ إذَا كَانَ بَعْضُهُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَتُفَارِقُ مَسْأَلَتُنَا مَسْأَلَةَ الْبِسَاطِ إذَا كَانَ بَعْضُهُ طَاهِرًا وَبَعْضُهُ نَجِسًا أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ الْحُكْمُ مُعَلَّقٌ فِيهِ بِقُرْبَانِ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَهَذَا الْحُكْمُ مُعَلَّقٌ بِالِاسْتِعْمَالِ وَقَدْ وُجِدَ وَيُقَوِّي الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ مِنْ جِهَةِ الْمَنْقُولِ كَلَامُ الشَّيْخِ وَجِيهِ الدِّينِ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute