قَالَ: إيَّاكَ وَكُلَّ جَلِيسٍ لَا يُفِيدُك عِلْمًا.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ إيمَانًا صُحْبَةُ الْفَقِيهِ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَالصِّيَامُ. وَتَبَاعَدَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ يَوْمًا فِي مَجْلِسِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ فِي حِكْمَةِ لُقْمَانَ وَوَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ إذَا جَلَسْت إلَى ذِي سُلْطَانٍ فَلْيَكُنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ مَقْعَدُ رَجُلٍ فَلَعَلَّهُ يَأْتِيهِ مَنْ هُوَ آثَرُ عِنْدَهُ مِنْك فَيُنَحِّيكَ فَيَكُونُ نَقْصًا عَلَيْكَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ رَجُلَانِ ظَالِمَانِ يَأْخُذَانِ غَيْرَ حَقِّهِمَا رَجُلٌ وُسِّعَ لَهُ فِي مَجْلِسٍ ضَيِّقٍ فَتَرَبَّعَ وَانْتَفَخَ، وَرَجُلٌ أُهْدِيَتْ لَهُ نَصِيحَةٌ فَجَعَلَهَا ذَنْبًا وَقَالَ زِيَادٌ يُعْجِبُنِي مِنْ الرِّجَالِ مَنْ إذَا أَتَى مَجْلِسًا يَعْرِفُ أَيْنَ يَكُونُ مَجْلِسُهُ وَإِنِّي لَآتِي الْمَجْلِسَ فَأَدَعُ مَالِي مَخَافَةَ أَنْ أَدْفَعَ عَمَّا لَيْسَ لِي وَكَانَ الْأَحْنَفُ إذَا أَتَاهُ رَجُلٌ أَوْسَعَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَعَةٌ أَرَاهُ كَأَنَّهُ يُوسِعُ لَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى لَا تُجَالِسْ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ يَحْفَظُ عَلَيْك سَقَطَاتِك وَيُمَارِيك فِي صَوَابِك وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْجَلِيسَ يَقُولُ الْقَوْلَ تَحْسَبُهُ خَيْرًا، وَهَيْهَاتَ؛ فَانْظُرْ مَا بِهِ الْتَمَسَ. انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَقَالَ الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ:
إذَا أَدْنَاك سُلْطَانٌ فَزِدْهُ ... مِنْ التَّعْظِيمِ وَاحْذَرْهُ وَرَاقِبْ
فَمَا السُّلْطَانُ إلَّا الْبَحْرُ عِظَمًا ... وَقُرْبُ الْبَحْرِ مَحْذُورُ الْعَوَاقِبْ
وَقِيلَ إذَا زَادَك الْمَلِكُ تَأْنِيسًا فَزِدْهُ إجْلَالًا، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يُعَظِّمُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَيُحْضِرُهُ مَعَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْجَمِيعِ وَامْتَنَعَ عَنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْعَوْلِ زَمَنَ عُمَرَ وَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ رَجُلًا مَهِيبًا فَهِبْته وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ مَنْ زَالَ عَنْ أَبْصَارِ الْمُلُوكِ زَالَ عَنْ قُلُوبِهِمْ.
وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ مِنْ آدَابِ صُحْبَةِ الْمُلُوكِ أَنْ لَا يُسْأَلَ الْمَلِكُ عَنْ حَالِهِ وَلَا يُشَمَّتْ وَلَا يُعَلَّمْ وَلَا يُسَلَّمْ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَ وَالصَّوَابُ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute