للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَارِجٌ عَنْ الْعَدَالَةِ.

وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ أَمَّا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ رُجْحَانُ قَوْلٍ عَلَى قَوْلٍ إمَّا بِالْأَدِلَّةِ الْمُفَصَّلَةِ إنْ كَانَ يَعْرِفُهَا أَوْ يَفْهَمُهَا، وَإِمَّا بِأَنْ يَرَى أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ أَعْلَمَ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْآخَرِ وَهُوَ أَتْقَى لِلَّهِ فِيمَا يَقُولُهُ فَيَرْجِعُ عَنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ لِمِثْلِ هَذَا، فَهَذَا يَجُوزُ بَلْ يَجِبُ وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الْعَامِّيُّ هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ مَذْهَبًا مُعَيَّنًا يَأْخُذُ بِعَزَائِمِهِ وَرُخَصِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَالْجُمْهُورِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ لَا يُوجِبُونَ لَهُ ذَلِكَ، وَاَلَّذِينَ يُوجِبُونَهُ يَقُولُونَ إذَا الْتَزَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ مَادَامَ مُلْتَزِمًا لَهُ أَوْ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى بِالِالْتِزَامِ عَنْهُ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْتِزَامَ الْمَذَاهِبِ وَالْخُرُوجَ عَنْهَا إنْ كَانَ لِغَيْرِ أَمْرٍ دِينِيٍّ مِثْلُ أَنْ يَلْتَمِسَ مَذْهَبًا لِحُصُولِ غَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ مِنْ مَالٍ أَوْ جَاهٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا مِمَّا لَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ بَلْ يُذَمُّ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَوْ كَانَ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا انْتَقَلَ عَنْهُ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُسْلِمُ لَا يُسْلِمُ إلَّا لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ، أَوْ يُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ إلَى امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا أَوْ دُنْيَا يُصِيبُهَا.

قَالَ وَأَمَّا إنْ كَانَ انْتِقَالُهُ مِنْ مَذْهَبٍ إلَى مَذْهَبٍ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ فَهُوَ مُثَابٌ عَلَى ذَلِكَ بَلْ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي أَمْرٍ أَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْهُ وَلَا يَتْبَعَ أَحَدًا فِي مُخَالَفَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّ اللَّهَ فَرَضَ طَاعَةَ رَسُولِهِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي كُلِّ حَالٍ قَالَ الْقَاضِي فِيمَنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ يُنْكِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَخْتَلِفَ اجْتِهَادُهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا أَظْهَرَهُ لِيَنْفِيَ عَنْهُ الظَّنَّ وَالشُّبْهَةَ كَمَا يُنْكِرُ عَلَى مَنْ أَكَلَ فِي رَمَضَانَ أَوْ طَعَامَ غَيْرِهِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ عُذْرٌ قَالَ وَإِنْ عَلِمْنَا مَنْ حَالِ الْعَامِّيِّ أَنَّهُ قَلَّدَ مَنْ يَسُوغُ اجْتِهَادُهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ وَإِلَّا أَنْكَرْنَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِمَا عِنْدَهُ كَذَا قَالَ، وَالْأَوْلَى أَنَّا لَا نُنْكِرُ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُقَلِّدُ مَعَ الظَّنِّ فِيهِ نَظَرٌ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُعْتَقَدِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الْوَاقِعَ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ جَائِزٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>